شريط اخباري

تعلن الجامعة الليبية للعلوم الإنسانية والتطبيقية المعتمدة ( مؤسسي وبرامجي )عن فتح باب التسجيل والقبول لفصل الربيع 204 وذلك في التخصصات التالية إدارة الأعمال، محاسبة، حاسب آلي، تمويل ومصارف، قانون، هندسة النفط، فعلى الطلبة الراغبين في الإلتحاق بالدراسة في الجامعة الحضور للجامعة مصحوبين بالمستندات التالية، شهادة ثانوية وما يعادلها، 8 صور، شهادة صحية، شهادة ميلاد، العنوان عين زارة بجانب جامعة طرابلس قاطع ب وذلك من الساعة 9 صباحا حتى الساعة 6 مساءاً ولأي استفسار نامل الاتصال على الارقام التالية 0922108002 ● 📱0925331414 ● تم بحمد الله وتوفيقه في الأيام الماضية التوقيع علي اتفاقية تعاون في اللغة الانجليزية بين الجامعة الليبية للعلوم الإنسانية والتطبيقية و معهد غلوبال تيسول الكندي (Global Tesol College ) حول الموضوعات الاتية:- 1- دورات تعليم اللغة الانجليزية لسبعة مستويات .2- شهادة التيسول الدولية International Tesol ertificate تأهيل الطلبة لامتحانات (IELTS and TOEFL) تأهيل ورفع كفاءة مدرسي اللغة الانجليزية وتخريج مدرسين لغة انجليزية جدد بالاضافة الي مجموعة اخري متنوعة من برامج اللغة الانجليزية وبعض التخصصات الاخري. ● تهنئ الجامعة الليبية للعلوم الإنسانية والتطبيقية جميع أعضاء هيئة التدريس والطلاب والموظفين والعاملين بحصولها علي الاعتماد البرامجي لقسمي إدارة الأعمال والمحاسبة والحاسوب وذلك بحصول الأقسام العلمية على الإعتماد المؤسسي والبرامجي. ● . تــعلن إدارة مجلة الليبية عن بدء تجميع المادة العلمية لسنة 204 فعلى السادة أعضاء هيئة التدريس الراغبين في نشر أبحاثهم الاسراع بالتواصل مع إدارة المجلة وتجهيز نسختين إحداها ورقية والأخرى إلكترونية موعد استلام الورقات البحثية من الساعة 12- 4 كل يوم عدا الجمعة والسبت. ● تم بحمد الله عقد اتفاقية تعاون بين الجامعة الليبية والأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري وذلك في مجال، الدراسات العليا الني تمنحها الأكاديمية، مجال التدريب، مجال إيفاد الخبراء، الاستشارات والبحوث المشتركة

إصلاح الخدمة المدنية في ليبيا

إصلاح الخدمة المدنية في ليبيا

د. محمد على يونس الناكوع

عضو هيئة تدريس بقسم الإدارة

كلية الاقتصاد والعلوم السياسية / جامعة طرابلس

أولا ً: مفهوم الخدمة المدنية وخصائصها

أ ـ مفهوم الخدمة المدنية المهنية:

تعريف قاموس الأعمال:

الخدمة المدنية هي (( كيان من موظف الحكومة موثوق بهم من قبل إدارة البلاد ، ومفوضون بتحقيق سياسة الحكومة الراهنة ))

   Body of government employee entrusted with the administration of the country and mandated to carry out the policy of the government of                                                                  (1)   the day . (      www. Business dictionary .com 24/11/20)                                                                                                                                                       هي مجموعة النشاطات التي تقوم بها الدولة لخدمة المواطنين، أو هي مجموعة من المنظمات والمؤسسات والمكاتب والمصالح التي تؤمن وصول الخدمة للمواطنين في الزمان والمكان المناسبين، أو هي مجموعة من الوظائف المتنوعة فنبا ً وإداريا تستهدف تحقيق تطلعات المواطنين ورغباتهم في خدمات جيده وميسورة ومتطورة وتتعدد الخدمات التي تقدمها الدولة بواسطة جهاز الخدمة المدنية وتتنوع ن ولعل أهمها خدمات التعليم والصحة، تسجيل المواليد، تحقيق الضمان الاجتماعي، ضمان السكن اللائق، والملكية العقارية وغيرها. كثير وكثير من الخدمات التي تقدمها الدولة الحديثة للمواطنين وهي خدمات تتميز بأنها شاملة لجميع أفراد المجتمع وجماعاته ومجتمعاته المحلية، وبأنها دائمة ومستمرة مادام المجتمع قائما ً ومستمرا ً، وهي خدمات على قدر كبير من الضخامة والتوسع الجغرافي، البشري.

   ونظرا ً لأهمية وخطورة الخدمة المدنية في الدولة فيتعين أن تكون خدمة مهنية متخصصة تقدم خدماتها وفقا ً للقوانين واللوائح التي تنظم عملها، وتنظم علاقاتها بالمواطنين الذين هم زبائنها ومستهلكي خدماتها، وان تقدم خدماتها بحرفية وتخصص، وان تقدمها بدون تمييز وبدون تحيز ولا محاباة، ولا فروق طبقية أو عرقية أ دينية أو جهوية، فالخدمة المدنية المهنية هي الخدمة التي لامجال فيها للرشوة، والوساطة، المحاباة ، وهي الخدمة التي لاتتأثر بتغيير القائد الإداري أو المدير، أو رئيس القسم، ولاتتغير بتغير الحزب الحاكم أو الرئيس المنتخب أو وكيل الوزارة أ, رئيس المصلحة، فهي الخدمة المدنية الرسمية القادرة على الإستمراربنفس المستوى الجيد من الأداء مهما كانت ظروف الدولة السياسية والأمنية.

   يبدو دور الخدمة المدنية اواضحا ً في الدول المتقدمة مثل الدول الأوروبية، حيث نلاحظ أن الدول مثل ايطاليا أو بلجيكا أ, أسبانيا كثيرا ً ما تكون بدون حكومة لعدة أسابيع وأحيانا ً شهور، ومع ذلك فإن أداء الدولة وخدماتها ودورها لايتأثر إلا بشكل محدود جداً، والسبب أن الطبقة الإدارية للخدمة المدنية بهذه الدول تتمتع بمستوى مهني وحرفي ممتاز، وتقوم بدورها دون أي تأثر بالظروف السياسية السائدة في الدولة.

ب ـ خصائص الخدمة المدنيه (الاداره العامة):

تتميز الخدمة المدنية بخصائص هامة هي:

1 ـ الحياد التام فى الصراع السياسي، فالخدمة المدنية المهنية ليست طرفا في صراع الأحزاب على كراسي الحكم، فهي مؤسسة محايدة تماما ً ولاتتحيز لحزب دون آخر، ولاتمول حزبا ًدون آخ، كما لايجوز أن يمارس بمقراتها دعاية لهذا الحزب أو ذاك، ولاتوجه موظفيها بشكل مباشر أو غير مباشر إلى الاقتراع لحزب دون آخر، أو تتعامل بشكل فيه تمييز بين الأحزاب من حيث تفضيل بعضهم وحرمان الآخر، ولا ترتكب من الأفعال مايسئ إلى الحزب الحاكم أو المعارض، وغيرها من المواقف التي يمكن أن تحدث في الواقع.

2 ـ العلنية بالنسبة للقرارات الإدارية الهامة، والمقصود هنا أن مايصدر عن الخدمة المدنية من قرارات يمكن الإطلاع عليها ونقدها والطعن فيها وإبطالها بحكم القانون إن كانت مخالفة للقوانين، وعلى سبيل المثال يجب ان تكون عقود الحكومة في كل المجالات متاحة للصحافة وأجهزة الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني المتخصصة في المجال، كما أن حالات التعيين كلها خاضعه للاعلان والإمتحان، كما أنه يجب أن تعلن عن مبررات إلغاء المنظمات أو إنشاء منظمات جديدة، وقرارات تعيين القيادات والمكافآت والمنح والدورات وغيرها من القرارات الإدارية الهامة التي عادة ما تحاط بالسرية والتكتم ولاتعرف إلابعد إقرارها وتعديلها بوقت طويل.

3 ـ الجدارة في التعيين وهو من أهم شروط تحقيق الخدمة المدنية المهنية، فالموظف في الخدمة يعين بناء على مقدرته وليس علاقاته الإجتماعية، فالتعيين في الخدمة المدنية يكون إستنادا ًإلى إعلان واضح في وسائل الإعلام المختلفة ، ويتم الإختيار بناء على إمتحان شفوي و تحريري، ويشغل الموظف وظيفته بعد أن يثبت أنه الأكفأ والأجدر بتلك الوظيفة، ويجب أن ينتهي إسناد الوظائف نتيجة القرابة، والصداقة والقبلية، والصفقات والمجاملة، كما لايجب أن يعين أي موظف إلا إذا كانت الوظيفة تتطلب تعيين موظف وليس مجرد تعيين قريب أو صديق، فالمؤسسات الرسمية ليست تكايا يتم التعيين فيها لموظفين لاحاجه لخدماتهم، بحيث تتحول المصلحه الى تكية بها العديد من الموظفين غير المنتجين والذين يشكلون عبء سيئ جدا ً على ميزانية المصلحه ودورها وأدائها.

4 ـ المساواة التامة بين المواطنين، بمعنى ان الخدمات الضرورية والهامة جدا ً التي تقدمها الخدمه المدنية في الدولة يجب ان تكون متاحه لكل مواطن له الحق في الحصول عليها دون وساطة أو تدخل أو رشوة وقبلية أو محسوبية، أو صفقة تبادل للخدمات، وفي نفس الوقت لايجب ان تقدم الخدمة للمواطن الذي لاينطبق بشأنه الحق في الحصول على الخدمة مهما كان يملك من النفوذ والصداقات والإستعداد للرشوة أو تقديم خدمة مقابل حصوله على خدمة.

5 ـ النمطية في تقديم الخدمة، وهي اجراءات تقديم الخدمة للمواطن والتي يجب أن تكون على نمط محدد وموحد في كل الحالات المشابهة، وعادة ماتستخدم الخدمة المدنية ما يسمى بدليل الإجراءات عند تقديم الخدمة، بحيث يوضح الدليل خطوات تقديم الخدمة من البداية إلى النهاية بشكل دقيق وبخريطة تنقل الإجراء ( خريطة تدفق flow chart ) منذ تسليم طلب الخدمة من المواطن للموظف ا إلى حين تسلم الخدمة للمواطن ، قد يقول قائل أن هذه المسألة بديهية وهو قول صحيح ظاهرياً، ولكن عمليا ًنجد أن تقديم الخدمات يكاد يتأثر بالجانب الشخصي للموظف ولطالب الخدمة معاً، فالموظف الجيد عادة ما يتبع خطوات الإجراء بدقة دون تميز بين طالبيها، بينما يتصرف الموظف السيئ والمتسيب بطريقة روتينيه مع المواطن العادي، وبطريقة أفضل مع المواطن الصديق أو القريب أو صاحب الواسطة، فعندما تحتاج إستصدار جواز سفر، يمكن أن تحصل عليه في نفس اليوم ، ويمكن الحصول عليه في أسبوع، ويمكن أن تنتظر شهر أو أكثر للحصول عليه، مع ان إجراءات الإصدار هي روتينية وموحد في كل حالة من هذه الحالات.

6 ـ النشر أي نشر إحصائيات وتقارير دورية عن نشاط الجهات الرسمية، وذلك لتمكين الجمهور من التعرف على جهود الحكومة وبشكل موثق ورسمي، ولتمكين الباحثين من الإستفادة من المعلومات الهامة التي تملكها المؤسسات الرسمية في مجال البحث العلمي، وهي مسألة هامة جدا ً للبحث العلمي، لأن البيانات الرسمية الموثقة هي التي توفر المصداقية لنتائج البحث العلمي، لذلك فإن المؤسسات الرسمية مطالبة بنشر تقارير سنوية عن نشاطاتها في شكل إحصائيات وتقارير وتحليلات ، وخاصة التعليم والصحه والمرور على الطرقات والقضاء والطفولة والأسرة وغيرها.

7 ـ تكافؤ الفرص لما تقدمه الدولة من خدمات أمام المواطنين وان تقدم وفق القانون واللوائح والقرارت فقط ولاشيء غير ذلك، كما يجب ان تتكافأ الفرص أمام الشخصيات الطبيعية الاعتباريه لما تطرحه الدولة من عقود وتعاملات، ومشتريات ومكافآت ومزادات وفرص تعيين، وقروض ومساكن وعلاج ... وغيرها كثير مما تقدمه الدولة من خدمات.

8 ـ الكفاءة في تقديم الخدمة، ونعني هنا بالكفاءة ان تحرص الخدمة المدنية المهنية على تقليل التكاليف بحيث أن يتم الإنفاق بأقل قدر ممكن، وبما يحقق الخدمة المطلوبة بأقل تكلفه وجهد ووقت، فيجب على الخدمة المدنية لكي تكون مهنية ان تسيطر عادة على تكاليف خدماتها وان تقتصد في الأجور والمرتبات والتأثيث والقرطاسية والكهرباء والماء والمعدات والسيارات وغيرها من التكاليف التي يجب ان تؤجد في الإعتبار عند إستصدار القرار الإداري وفي الأداء اليومي للمصلحة.

ثانيا ً: أهمية الخدمة المدنية للدولة الحديثة:

   هناك كثير من المسميات للدولة الحديثة، فهي دولة الرعايه، ودولة الرفاه، ودولة العدالة، ودولة القانون، وكل هذه المسميات تعني ان المطلوب من الدولة الحديثة الشيئ الكثير والكثير جدا ً، وبإختصار يتعين على الدولة الحديثة النهوض بما يلي:

ـ توفير المستوى المناسب من التعليم والتأهيل والتدريب لأفراد المجتمع.

ـ توفير الأمن لأفراد المجتمع وأسره وحاجاته ودوافعه الإقتصادية.

ـ تأمين النشاط الإقتصادي للأفراد والشركات.

ـ السيطرة على الأسعار والتضخم.

ـ تحقيق التنمية المستدامة في كل مجالات النشاط الإقتصادي.

ـ رعاية الفئات الضعيفة في المجتمع كالفقراء، المعاقين، المرأة، والأقليات.

ـ تحقيق عدالة التقاضي وتطبيق القوانين وتنفيذها تجاه المخالفين.

ـ تأمين الصراع السياسي وتحقيقه وإتاحة الفرصة لتداول الحكم بين الفرقاء السياسيين.

ـ حماية الحريات العامة كحرية الراى والعمل والتنقل وتكوين المؤسسات السياسية و المدنية.

ـ ضمان العجز والشيخوخة.

ـ حماية البلاد من التهديدات الخارجية بإيجاد جيش وطني قادر على الحماية.

   هذه المهام ليست سهلة، وتتطلب نفقات كبيرة وجهود أكبر، وهي مهام لها طابع الدوام والإستمرارية ولايمكن تأجيلها أو توقيفها أو التخلي عن بعضها، أو تحقيق بعضها جزئيا ً، والدولة التي تعجز عن تحقيق هذه المهام هي دوله فاشلة ولا تستطيع الإستمرار، وسرعان ما تتمزق وتنقسم إلى دويلات صغيرة، أو تستعمرها دولة أكبر وتصبح إقليما ً تابعا ً لها.

   هذه المهام الكثيرة التي ذكرناها تتطلب من يقوم بها، وهنا يأتي دور الخدمة المدنية، وهي الجهاز التنفيدي للدولة، وهي المؤسسة التي يتعين عليها تحقيق كل مهام الدولة الحديثة المتنوعة والضخمه والمعقدة، ومن هنا يأتي دور الخدمه المدنية بالنسبه للدولة الحديثة ، فهو دور محوري وأساسي في نجاح الدولة، لذلك نلاحظ أنه لاتوجد أي دولة ليس لها خدمه مدنية، بل الخدمة المدنية والدولة وجهان لعملة واحدة، فلا توجد دولة بدون خدمة مدنية، كما لا يمكن وجود جهاز للخدمه المدنية بدون دولة، ولايخلو التنظيم الإداري لأي دولة من تنظيم خاص بالخدمة المدنية، كأن يكون وزارة الخدمه المدنية أو مجلس الخدمه المدنية أو لجنة الخدمة المدنية، كما أن أكبر مشغل للقوى العاملة في أي دولة هو الخدمة المدنية، وهي تتميز عادة بالضخامة وتنوع المكونات التنظيمية و تعدد الصالح و المرافق و الهيئات، و يمثل بند الأجور والمهايا والمصروفات الإدارية في الموازنه العامه للدولة أهم محركات الإقتصاد على الساحة الوطنية وخاصة في دول الريع وهي الدول التي تعتمد على دخل الصادرات من المواد الخام لتمويل نشاط الدوله مثل اعتماد الدول النفطيه على النفط، حيث تسيطر الدولة على أهم مصادرالدخل وتنفقه على شكل موازنات سنوية، وفي معظم دول العالم تعتبر الخدمة المدنية هي أكبر مشتري للسلع والخدمات في الدولة، وتعتبر قرارات الشراء التي تكون في شكل عقود، مجال هام من مجالات الإنفاق والتأثير في السوق المحلي، ومجال هام لإستشراء الفساد المالي والإداري، لانبالغ إذا قلنا ان وجود خدمة مدنية جيدة الأداء تمتاز بالسيطرة على التكلفة وتقدم خدماتها بأقل قدر ممكن من التكاليف والوقت والجهد ويسودها الحرص على التعيين بالجدارة والتقيد بالقوانين والعمل المنظم المنسق، وتخلو من الفساد المالي والإداري، هو عامل من أهم عوامل استقرار الدولة الإجتماعي والسياسي والإقتصادي والعكس صحيح تماماً، فإذا كانت الخدمة المدنية سيئه الأداء ويسودها الفساد فهي عامل من عوامل عدم الإستقرار والقلاقل والفتن والإضطراب، وقد يؤدي ذلك إلى زوال النظام السياسي ولنا في بلادنا المثال الحي على ذلك.

ثالثا : نماذج الخدمة المدنية :

يمكن تقسيم الخدمة المدنية السائدة في العالم الآن الى قسمين أو نوعين فقط هما:

أ ـ الخدمة المدنية المفتوحة (الحلبي ،1981، ص ص20-21)(2 )

وهي عبارة عن قطاع او عدد كبير من الوظائف يتصف بمرونة الدخول إليه والخروج منه وفق حاجة الوظيفة للعنصر العامل ومن أهم خصائصها:

1ـ وجود توصيف دقيق لكل وظيفة يحدد مهام الوظيفة ودرجتها ومرتبها وموقعها من التنظيم ومطالب التأهيل.

2ـ عند الحاجة لشغل الوظيفة يتم الإعلان عن الوظيفة الشاغرة وفق التوصيف المحدد لها ويتم التعيين بعد إجراء الإمتحان وإختيار الأفضل.

3ـ إذا ألغيت الوظيفة أو المكتب أو المؤسسة يسرح العنصر العامل وعليه البحث عن وظيفة أخرى وفق ظروف سوق العمل.

4ـ في نظام الخدمة المدنية المفتوح يتم التركيز على الوظيفة بالدرجة الأولى ولا يوجد سلك للموظفين يربطهم ببعظهم البعض ويرتبط نظام التقاعد والضمان بالموظف وحالته الوظيفية ودخله وليس الوظيفة التي يشغلها.

5ـ عند الحاجة لوظيفة من درجة أعلى في المنظمة، يتم الإختيار بالإعلان والإمتحان من بين المتقدمين من داخل المنظمة ومن خارجها على السواء أي أن نظام الترقية يرتبط بحاجة المنظمة والوظائف وليس الأقدمية أو الحوافز.

6ـ لاتتحمل الخدمة المدنية المفتوحة نفقات تدريب وتأهيل لأنها تختار العنصر المتدرب أصلا.

   من مزايا الخدمة المدنية المفتوحة البساطة في التطبيق وقلة التكاليف اللأزمة للتدريب والترقية وسهولة التخلص من الوظائف غير المجدية والمكاتب أو الإدارة أو المؤسسات المتعثرة، وعدم ظهور مشكلات البيروقراطية كالروتين الشديد الجمود وهبوط مستوى الأداء.           

   من عيوب النظام المفتوح أنه يتطلب تعليم جيد في المجتمع بحيث يوفر كل التخصصات المطلوبة ومستوى التدريب والتأهيل المناسب للوظائف العديدة بجهاز الإدارة العامة، ويتطلب إدارة رشيده تطبق وصف وتوصيف الوظائف بشكل جيد، ونظام إقتصادي جيد يؤمن التوظيف للعناصر التي يتم الإستغناء عنهم بحيث لايشكل الإستغناء عن العناصر العاملة عبئا ً إضافيا على خزينة الدولة أو زيادة الإحتقان السياسي والإجتماعي نتيجة البطالة.

ب ـ نموذج الخدمة المدنية المغلق:

   في هذا النموذج تصبح الخدمة المدنية طبقة من الأفراد ذوي الإختصاص أو المحترفين في أداء وظائف الخدمة العامة، أي إنها تشكل مهنة محددة كالطب والمحاماة والهندسة، وهو يتميز بالخصائص التالية.

1ـ تخضع وظائف الخدمة المدنية المهنية المغلقة لقانون عام ينظم الوظائف و ما يتعلق بها من تعيين و ترقية وندب وإعارة واستقالة وتقاعد وغيرها.

2ـ يتم الانتظام في سلك الخدمة المدنية المهنية بالتعيين وفق شروط محددة، و بشكل عادة مركزي وفق حاجة الدولة المؤسسات التابعة بها.

3ـ تتم الترقية داخل سلك الخدمة المدنية.

4ـ تهتم بتدريب وتأهيل عناصرها لكي يكون أدائهم على المستوى المطلوب.

5ـ هناك إجراءات محددة للخروج من السلك وعادة ما يكون إجراءات قانونية دقيقة تراعى مصلحة الوظيفة والعنصر شاغل الوظيفة، ويكون خروج العناصر محدود جداً.

6ـ تتحمل المسؤولية الكاملة في مجال سياسات الأفراد كالأجور والتجنيد والإعارة والندب والنقل وغيرها.

   هذا وتتميز الخدمة المدنية المغلقة بأنها مهنية ومحترفة ومحايدة في مجال الصراع السياسي والقبلي والمذهبي والطائفي، كما أنها تعمل على الرفع من مستوى المنخرطين بها وظيفياً، وتؤمن لهم التدريب والتأهيل وتحاول إيجاد أجور مناسبة لطبيعة الوظائف التي يشغلها الأفراد، كما تتميز بأنها توفر أمان وظيفي للعنصر العامل بحيث لا يكون عرضة للبطالة لمجرد إلغاء الوظيفة أو المكتب أو الإدارة أو المصلحة. ومن عيوبها أن الأمان الوظيفي الكامل الذي تحققه للأفراد قد يؤدي إلى عدم تطور الأداء وعدم الحرص على بذل جهد أكبر وتفاني في أداء الوظيفة، كما أنها تتميز بالروتينية الشديدة والجمود وعدم المرونة في التعامل مع الظروف المتغيرة، وقد يشكل عائق على التنمية والتطوير في البلد.

ثالثا ً: الخدمة المدنية في ليبيا:

أ ـ لمحة تاريخية (ارحومه ، 1978،ص15)(3)

   ولدت الخدمة المدنية في ليبيا مع ميلاد الدولة الليبية الحديثة في بداية النصف الثاني من القرن العشرين، فقد صدر أول قانون للخدمة المدنية تحت رقم 2 لسنة 1951، أي أن صدور قانون الخدمة المدنية كان بعد إعلان الإستقلال مباشرة في 24 ديسمبر 1951، أي أنه صدر خلال الأسبوع الذي تبقى من سنة 1951، وهو دليل على أهمية الخدمة المدنية للدولة وأهمية إيجاد تشريع ينظم عمل العاملين بالدوله قبل أن يتشكل جهاز الخدمة المدنية أصلاً، ثم توالى إصدار قوانين الخدمة المدنية بحيث تتماشى مع تقدم الدولة وتحسن ظروفها شيئا ً فشيئاً، حيث صدر القانون رقم 36 لسنة 1956، والقانون رقم 19 لسنة 1964، الذي صدر بعد توحيد الدولة وإلغاء التقسيم الفدرالي الذي قسم ليبيا إلى ثلاثة ولايات هي برقة و فزان و طرابلس الغرب، ثم إصدار القانون رقم 55 لسنة 1976، وهو آخر قانون للخدمة المدنية في ليبيا.

   واستنادا ً إلى صدور أول قانون للخدمو المدنية في ليبيا سنة 1951، نجد أن عمر الخدمة المدنية هو 60 ستون سنة، هو عمر طويل ومناسب لتطوير أداء الدولة وجعلها على درجة معقولة من التقدم الإداري، وهو عمر يشابه بداية تطور الخدمة المدنية في بعض دول العالم مثل كوريا الجنوبية، وتايوان، وماليزيا، ولكن أين هم الآن؟ وأين نحن الآن؟

   لقد عاصرت شخصيا الأنظمة السياسية الثلاثة التي مرت بليبيا خلال العقود الطويلة الماظيه، وهي الحكم الملكي (1951 ـ 1969)، عهد الجمهورية الأولى في ليبيا (1969ـ 1977) ، وعهد جماهيرية القذافي ( 1972 ـ 2011)، وبالإمكان الجزم أن الخدمة المدنية في ليبيا كانت معقولة في العهد الملكي ، فقد عرفت الكثير من التطور والتنظيم والتنمية الإدارية فنيا ًو وظيفيا ، وسادها قدر هام من العقلانية في مجال التعيين والترقية والتدريب، ورغم وجود بعض الفساد المالي و الإداري ولكنه كان على نطاق محدود وفي نطاق لا يختلف عن الدول المشابه لنا في الحداثة ومستوى التطور الحضاري، وربما كانت أفضل من بعض الإدارات العربية آنذاك، وعندما جاء القذافي بإنقلاب سنة 1969 تحسن الأداء في البداية وقل الفساد المالي والإداري بدرجة ملحوظة، ولكنها بدأت تتراجع بشكل ملحوظ بعد خطاب زواره الذي جمد القوانين والتشريعات، ومع ذلك ظلت الإدارة العامة أو الخدمة المدنية معقولة الأداء، ولكن التكالب على المزايا والصراع على الكراسي، و الرغبة في التصعيد، بدأ يفعل فعله في تدنى أداء الخدمة المدنية، وبمرور الزمن وصلت إلى أسفل السافلين، بحيث أصبحت ليبيا تحتل المراتب المتقدمة في مجال الفساد الإداري، وفي الفترات الأخيرة يكاد دور الدولة يتوقف تماما ً في مجال الخدمة المدنية، حيث ساد الفساد المالي والإداري جميع مرافق الدولة، وإنعدمت الجوانب الرسمية في مجال التعيين والتدريب والترقية وسياسات الإفراد وتحكمت شخصانية الأداء وشخصانية القرارالإداري في كل شيء،وإنعدمت مراعاة المصلحة العامة والمحافظة على المال العام وغيرها من الممارسات التي يعرفها الليبيون جميعاً.

ب ـ أهمية الخدمة المدنية للدولة الليبية

تحتاج الدولة الليبية كغيرها من الدول في هذا العالم إلى جهاز الخدمة المدنية لتقديم الخدمات المختلفة للمواطنين، وتمكين الدولة من النهوض بوظائفها الهامة في مجال التعليم والصحه والأمن والضمان الإجتماعي والصناعة والزراعة وغيرها من المجالات الهامة والضرورية للمجتمع الليبي، وقد تكون الدولة الليبية أكثر إحتياجا ً لخدمة مدنية متطورة ومهنية من كثير من الدول الأخرى وذلك للأسباب التالية:

أ ـ إن الدولة الليبية دولة متخلفة وهي أحوج مايكون إلى خدمة مدنية عصرية ومتطورة، فليبيا تعاني من مظاهر تخلف عديدة ومتنوعة مثل الإعتماد على منتج رئيسي وحيد للتصدير وتامين حاجة الدوله من العملة الصعبه وهو النفط، وتضخم قطاع الخدمات وتضائل مساهمة الصناعة والزراعة في الناتج القومي، وسيطرة النظم التقليدية على الصعيد الإجتماعي مثل القبلية والعشيرة، وانعدام الطبقة السياسية الواعية.

ب ـ تدني أداء النظم الأساسية في ليبيا نتيجة عقود حكم القذافى الطويلة وما رافقها من تهميش لأي مبادرة للإصلاح والتطوير، مثل تدني مستوى التعليم والصحة والأمن والرياضة وغيرها.

ج ـ تدمير منظومة القيم الإجتماعية للفرد والمجتمع، وذلك نتيجة لسنوات طويلة من التطبيل والتزمير للقائد الأوحد والمعلم والملهم، والسعي للاستفادة منه ومن حاشيته بكل الوسائل والطرق إلى درجة فقدان الناس لمعنى العيب والحلال والحرام والكرامة والشرف، والممنوع والمباح وغير المباح، وحق الجار والقريب والصديق، كل هذه القيم سقطت أمام السعي للإثراء السريع والإستفادة، والارتشاء والوصولية.

د ـ الدمار الهائل الذي نتج عن الحرب الدائره في ليبيا منذ 2011 والمتمثل في الدمار المادي لكثير من المدن الليبية والدمار المعنوي الذي أصاب النفوس وجعل من مسألة المصالحة الوطنية أمر بالغ الصعوبة ويتطلب وقت قد لايكون قصيراً، هذا علاوة على الأعداد الهائلة من الأرامل والأيتام والمعاقين والمرضى نفسياً، والمهجرين في الداخل والخارج.

ه ـ الولاء القبلي الذي يهدد الحقوق الوطنية ويهدد الأمن والأستقرار للدولة، فقد أعادت الحرب الليبيين إلى المربع الأول في الولاء للقبيلة بدل الدولة، وما يترتب على ذلك من مشكلات لانهاية لها في مجال التعامل مع المواطن والأثر السيء على جهود الدولة لتحسين الخدمات وتقديمها.

و ـ تخلخل الأمن في جميع أنحاء البلاد بدون إستثناء نتيجة انتشار السلاح في مختلف الأماكن وسهولة الحصول عليه واستخدامه لأتفه الأسباب، تكاثر المجموعات المسلحة والتشكيلات العصابية والغياب التام للدولة.

ز - حالة الفقر التي تعيشها نسبة هامة من الليبيين، ويعد ذلك واضحا ً من عدم كفاية الأجور نتيجة التضخم الهائل، و تأخر المرتبات ، وأزمة الإسكان التى يعانى منها الليبيون منذ عقود طويله من الزمان، وتأخر سن الزواج، وارتفاع نسبة البطالة بين الشباب الليبي.

   لهذه الأسباب المختلفة نجد أن الدولة الليبية أحوج ما تكون إلى جهاز كبير ومتطور ومهني للخدمة المدنية، حتى تستطيع مواحهة هذه الإستحقاقات الهامة وهي إستحقاقات مهمة وعاجلة ولا مجال لتأجيلها، وكلما تأجلت تفاقمت أكثر وإزداد أثرها السلبي على الدولة ورسالتها.

رابعا ً : خصائص الخدمه المدنية في ليبيا اليوم

   لا يوجد في ليبيا اليوم نظام للخدمة المدنية، أي لاتوجد لجنة للخدمة المدنية أو مجلس أو وزارة أو مصلحة، و بالتالي تركت مهام الخدمة المدنية ، التي يفترض أنها تؤدى على مستوى مركزى في الدولة، تركت لكل مؤسسة أو وزاره أو مصلحة و شأنها وسياساتها وطريقتها في التعامل مع موظفيها .ووفق آخر إحصائية للسكان سنة 2006 م، نجد أن عدد موظفي الدولة بلغ (848028) فرداً. (المعلومات،2006)(4)، هذا العدد يمثل ما نسبته 50.60% من حجم القوى العاملة اقتصاديا ( من سن 15 سنة إلى 65 سنة ) وهي نسبة تعتبر كبيرة جداً، وحسب علمي لم يبلغ عدد الموظفين هذه النسبة العالية من القوى العاملة في أي دولة من دول العالم، وهي نسبة عالية جدا ً مقارنة بالدول الأخرى ولو استخدمت النسبة والتناسب سنجد أن كل موظف بالدولة الليبية يقابله عدد 5 مواطنين بإعتبار أن عدد السكان ليبيا 6 مليون تقريباً، هذا العدد هائل من الموظفين كان يجب أن يقدم خدمات ممتازة ومتطورة للمواطن الليبي، ولكن العكس هو الصحيح فخدمات الدولة الليبية سيئة جدا ً مما يفرض أن الدولة كانت تكية للتعيين فقط وأرض للمحاسيب ومراكز النفوذ وذوى السلطان، وللتدليل على عدم عقلانية هذه النسبة من القوى العاملة في جهاز الدولة في ليبيا، يمكن مقارنتها ببعض الدول المتقدمة إدارياً، مثل كندا على سبيل المثال، تبلغ نسبة العاملين فيها 20% من حجم القوى العاملة www>Wikipedia.org/ wikicevieservice 15.11.2011)((5) ، وفي أمريكا يبلغ العاملين في أجهزة الحكومه الفدراليه 1.8 مليون فرد أي ضعف عدد العاملين في ليبيا في حين يبلغ تعداد الشعب الأمريكي ما يفوق 240 مليون نسمة أي 40 ضعف عدد السكان في ليبيا، وفي فرنسا يبلغ عدد العاملين بجهاز الدولة 2.385.507 عنصراً، وبصورة عامة تحدد نسبة العاملين في إطار الخدمة المدنية بالنسبة للدول العربية عند 1/10 ( أي نسبة 10% من مجموع قوى الشعب العامة ) (الحلبى مرجع سابق، ص 14)(6)

د ــ عيوب الخدمة المدنية في ليبيا

   لعل أهم ما يؤخذ على الخدمة المدنية الحالية ما يلي:

1- في مجال التنظيم الرسمي للمؤسسات التلبعه للدولة، قد لا يوجد تنظيم رسمي لهذه للمؤسسات بما فيها الوزارات وهيئات الحكم المحلى، و إن وجد فلا يطبق بالكامل، ومن النادر أن تجد في المؤسسة خريطة لتنظيمها الإداري، وأصبح هيكلها الإداري تحكمه رغبات وقرارات الرجل الأول، بحيث يزداد الهيكل الإداري بأقسام أو إدارات جديده بناء على رغبته، وقد تلغى إدارات و أقسام لا يرى اهميه لبقائها، و قد تلغى بعض الإدارات أو الأقسام فقط للتخلص من شاغلي الوظائف العليا فيها، هادة ما تتم هذه التعديلات دون إشراف فني مهني من قبل جهة متخصصة بتوضيح الخطأ والصواب في التنظيم وإعادة التنظيم. يجب العلم أن الدولة الحديثة هي دولة مؤسسات ودولة قانون، فالقانون هو المنشئ للمؤسسات وهو الذي يحدد هيكلها الإداري الرسمي ويبين الطريقة الرسمية لتعديل هذا الهيكل بالتوسيع أو التقليص وفق ظروف المؤسسة والدولة، يترتب على عدم وجود هيكل إداري رسمي، عدم وجود ملاك للمصلحة، والملاك عبارة عن جدول يحتوى على مجموع الوظائف التي تحتاج لها المصلحة وهو الأساس في احتساب بنود موازنة المصلحة الرسمية الادارية من حيث الأجور والحوافز والمهمات المختلفة الموارد البشرية.

2 –عدم الاهتمام بالوصف والتوصيف، فالمعروف ان الخدمة المدنية في معظم دول العالم تعمل على إيجاد وصف وتوصيف للوظائف اللازمة لما تقدمه الدولة من خدمات، بحيث يتم تصنيف الوظائف في فئات متجانسة، ويتم إيجاد وصف للوظائف التي تدرج في كل فئة، وفيالإدارة الليبية لا يوجد أي إهتمام بهذه المسألة ومن النادر أن توجد مصلحة لها وصف وتوصيف لوظائفها، وان وجد فهو مجرد نصوص لاأهمية لها ولاتؤخد في الإعتبار عند التعيين أو الترقية أو شغل الوظائف.

3- عدم تنميط الإجراءات، تهتم الخدمة المدنبة بإيجاد تنميط أو توحيد للإجراءات المتبعة في المصلحة الإدارية الرسمية، وذلك بإيجاد دليل للإجراءات يحدد الخطوات المطلوبة لأي إجراء يتخد في المصلحة، بحيث يضمن الدليل توحيد الإجراءات ويضمن وضوحها وعدالتها بالنسبة لطالبي الخدمة، أما في الخدمة المدنية في بلادنا فالملاحظ ان إجراءات المصلحة كثيرا ً ما تخضع لشخص الموظف، أي شخصانية الإجراء بشكل كبير، فالإجراء قد يتم في وقت قصير جدا ً إذا كان طالب الخدمة صديق أو قريب أو مركز (واصل)، وقد يستغرق وقت طويل إذا كان طالب الخدمة مواطن عادي، لاشك إن إيجاد دليل للأجراء أو التقيد به من قيل الموظف يقلل من الوساطة ويرشد الأداء ويقلل من التسويف والمماطلة، خاصة إذا كان الدليل معلن وواضح ومن الممكن تتبعه من طالب الخدمة وكذلك ينظم الدليل أداء الموظفين و يوضح القصور في الأداء ويفيد في ترشيده بصورة عامة .

4 ـ عدم وجود معدلات للأداء في جميع مرافق الدولة، المقصود بمعدلات الأداء في الخدمة المدنية هو إيجاد معدل للمجهود المطلوب من الموظف يكون معيار لقياس جهد هذا الموظف و معيار لعدد الموظفين اللازمين لكل وظيفة، فعلى سبيل المثال يمكن تكليف محاسب لأجور بإعداد الأجور لعدد 300 موظف شهريا ً ويمكن تكليف طباع بطباعة 20 رسالة يوميا من حجم صفحة واحدة، وهكذا بالنسبة للوظائف الأخرى المختلفة، لاشك ان إعداد معدلات الأداء أمر صعب ولكنه ممكن وضروري لإيجاد عدالة بين الموظفين ولتحديد العدد المطلوب لكل وظيفة، و بالإمكان إعداد معدلات أداء ولو تقريبية .

5 ـ عد الاهتمام بالتكلفة وهو من أبرز مظاهر الإدارة السيء في الإدارة الليبية، فلا أحد يفكر في تكلفة القرار عند إصداره ولايوجد أي إهتمام بالهدر في إستهلاك المدخلات المادية اللازمة للعمل، مثل السيارات ومعدات التصوير والاتصال والماء والكهرباء والورق والملفات، وغيرها من جوانب الهدر الواضحة جدا ً في المؤسسات الرسمية الليبية.

6 ـ غياب المراجعة الإدارية، لقد أدى عدم وجود تنظيم إداري للخدمة المدنية إلى غياب ما يسمى بالمراجعة الإدارية وهي متابعة أداء المؤسسات الرسمية والتأكد من أن تنظيمها الإداري هو ذاته التنظيم الرسمي المعتمد بقانون أو قرار وإنها تنفذ مخططاتها المعتمدة وأن سياسات الأفراد بها (الترقية، الإجازة، الندب، الإعارة، وغيرها ....) تتم وفق القانون ولا توجد تعيينات غير قانونية، وغيرها كثير وكثير من الأمور الإدارية التي تحتاج إلى تفتيش ومتابعة وتخطيط لضبط أداء المؤسسات الرسمية.

7 _ التعيين, خلال الفترات الأخيرة بالذات لم يعد هناك أي روتين معين للتعيين وليس له سياسات ثابتة، فقد خضع التعيين لمصالح الشخصيات المتنفذه في الدوله والتي تدعى الثورية، وتحولت مؤسسات الدولة إلى تكايا للتعيين بدون حاجة للتعيين وتكديس الموظفين دون أي حاجة لخدماتهم وبدون إعلان ولا امتحانات شفوية أو تحريرية، ولمجرد صدور قرار تعيين من الوزير أو الوكيل أو المفوض، ويتم بتعيين دون وجود مخصصات مالية للأجور بحيث تتحول الأجور المتراكمة إلى ديون على الدولة .... وهكذا بدون أي نظام أو قانون.

8- الترقية, ترتبط الترقيات في الخدمة المدنية المهنية الحديثة بوجود وظائف شاغرة تتطلب الترقية فيها، أما في بلادنا فإن الترقية لا تتطلب سوى مرور الحد الأدنى من المدة اللازمة للترقية، ثم يصدر قرار بالترقية بالنسبة للمحظوظين من الموظفين والواصلين و ذوى النفوذ والسلطان، و قد لا يصدر قرار للموظفين العاديين إلا بصعوبة وبتلكؤ ومماطلة، وفى كثير من الحالات لا يترقى الموظف رغم مرور الحد الأعلى من المدة اللازمة للترقية، وفى كثير من الحالات تتم الترقية بإجراءات غير قانونيه وبدون مسوغات للترقية ..... وغيرها من المواقف المعروفة بالنسبة للعاملين في الدولة الليبية.

9_ في مجال التجنيد والإعارة والنقل والتدريب, نلاحظ عدم وجود أي دور للخدمة المدنية لتنظيم هذه الأمور العامة لموظفي الدولة، فكثير ما يتم تجنيد موظفين لمدة محددة وفق القانون، ومع ذلك يستمر تجنيدهم لفترات طويلة دون دور للخدمة المدنية في تقنين التجنيد. أما الإعارة فكثيرا ما تتم لوظائف مرغوبة من قبل معظم موظفي الدولة وخاصة الإعارة للجهات الدولية مثل الأمم المتحدة أو اليونسكو، وغيرها. وتتم الإعارة في مثل هذه الأمور بشكل سري وشخصي، ولا يتمتع بها إلا المحاسيب وأقرباء وأصدقاء مراكز القوة. أما النقل فهو يتم بين المؤسسات الرسمية بشكل مباشر، وكثيرا ما يستخدم للالتفاف على حالات منع التعيين لعدم انطباق الشروط، فيتم تعيينه في مكان يستطيع أن يتعين فيه بحكم وجود واسطة هامة أو قرابة، تم بعد مدة قليلة يتم نقله إلى الجهة المرغوبة بكل سهولة وبلا عوائق. أما بخصوص الندب فالملاحظ أن الندب يتم بدون أي ضوابط، ومع أن الندب يفترض أن يتجدد خلال مدة معينة وبقبول الطرفين، ولكن من الملاحظ أن هناك الكثير من حالات الندب التي تستمر لمدة طويلة دون أي متابعة، وقد تتم لمجرد المزيد من المزايا المالية ولاستفادة للمنتدب دون أي حاجة ماسة لخدمته.

10- لا يوجد نظام واضح للحوافز في الإدارة العامة في ليبيا, ومن الناحية العملية يكاد يكون المرتب هو الحافز الوحيد المطبق في الخدمة المدنية في ليبيا، وضآلة المرتبات في ليبيا أمر شديد الوضوح، وعدم كفايتها لحاجات الموظف بحيث لم يعد المرتب حافزا كافيا للحصول على جهد أفضل من الموظف، وربما توجد بعض الحوافز الأخرى مثل التكليف بالعمل الإضافي ،والمهام الخارجية، والحصول على سيارة من المصلحة، والتفرغ للدراسة، وفى معظم هذه الحالات يخضع الحافز لسياسات المصلحة وتلعب فيها العلاقات الشخصية والقرابة دور أكبر من الجوانب الموضوعية، وقد لا ترتبط بالأداء والتفاني في العمل، وقد ترتبط أكثر بالقرابة والتبعية للنظام السياسي وإدعاء الثورية.

خامسا ً: إصلاح الخدمة المدنية في ليبيا

     تعرفنا في الصفحات السابقة على الواقع السيئ للخدمة المدنية في ليبيا، وعرفنا أن عمر هذه الخدمة هو ذاته عمر الدولة الليبية الذي يقرب الآن من الستين عاما ً ( في 24 ديسمبر 2011 يكون عمر الدولة الليبية 60 سنه ) ولاشك أن إعادة البناء في ليبيا، يتطلب جهاز للخدمة المدنية يكون على قدر كبير من الكفاءة وتحمل المسؤلية والرشد في استخدام الموارد المادية والبشرية، والمهنية والحرفية الكاملة بحيث يستقل تماما ً عن الصراع الحزبي الذي يتوقع أن يكون حاضرا ً بقوة على الساحة الوطنية، ومستقلا عن القبلية الحاضر الدائم في دنيا الليبيين والعرب عموماً، وأن يتميز بكل خصائص الخدمة المدنية المهنية والتي سبق لنا التعرض لها ولانرى أهمية الآن لتكرار ذكرها.

   الدولة الليبية لها الآن جهاز خدمة مدنية ضخم جدا ً ومثقل بعدد هائل من العناصر العاملة، تسوده الواسطة والمحسوبية والرشوة والتسيب الكامل بالنسبة للأداء اليومي، ولكي تنهض هذه الدولة بمسئولياتها داخليا ًوخارجيا ًفهي مدعوه إلى القيام بإصلاح إداري شامل وعميق ومدروس بحيث يستطيع تحويل هذا الإرث الثقيل إلى جهاز خدمة مدنية معاصرة، وتستطيع عن طريقه الدولة إستعادة هيبتها ومصداقيتها التي فقدتها لعقود طويلة من الزمان.

أ ـ متطلبات إصلاح الخدمة المدنية

   يحتاج إصلاح الخدمة المدنية وتحويلها إلى خدمة مدنية مهنية محترمة معاصرة بعض المتطلبات الضرورية وهي

1 ـ توفر إرادة التغيير والإصلاح لدى القيادات الإدارية، مثل الوزير ووكيل الوزارة ومدير الإدارة ومدير الشركة وغيرهم من القيادات التي يجب أن تتوفر بها إرادة وتصميم على السير في مشوار الإصلاح إلى النهاية مهما كانت العقبات والتحديات.

2 ـ التخطيط للإصلاح والقيام به وفق مخطط دقيق ومحدد ولامجال للعمل العشوائ.

3 ـ الإعتماد على المختصين في تخطيط عملية الإصلاح وتنفيذها ومتابعة التنفيذ أول بأول، وما أكثر المختصين في مجال الإصلاح الإداري في ليبيا.

4 ـ توفر التمويل اللازم للإصلاح بدون تردد ومهما كان حجم التكلفة مع محاولة السيطرة على التكاليف بطبيعة الحالة، يجب العلم أن تكلفة عدم الإصلاح والتي تعني إستمرار الفساد المالي والإداري في جهاز الدولة، هذه التكلفة ستكون كبيرة جدا ً وباهضه أكثر من تكلفة الإصلاح.

5 ـ تركيز الإصلاح على المؤسسات التي تتعامل مع الجمهور أكثر وقد يؤثر أدائها السيئ على عدالة تقديم الخدمات والمزايا وتحقيق تكافؤ الفرص بين المواطنين، وخاصة الإسكان ومصالح منح التراخيص والمصارف وفرص التعيين في الدولة وغيرها.

6 ـ الشمولية في الإصلاح، يجب أن يشمل الإصلاح جميع جوانب الخدمة المدنية التي سبق ذكرها بدون إستثناء، وفي جميع المناطق على مستوى مؤسسات الحكم المحلي.

ب ـ مجالات إصلاح الخدمة المدنية في ليبيا

   هذه الفقرة هامة جدا و أساسية في هذه الورقه لأنها تتعلق بالجوانب التي يجب أن يتركز عليها الإصلاح المطلوب للخدمة المدنية في ليبيا، ووفق ما لاحظناه من تردى في أداء الخدمه المدنية فهي تحتاج إلى إصلاح جذري وعميق وشامل، ولعل أهم جوانب الإصلاح تتمثل في الآتي:ـ

1 ـ التنظيم وإعادة التنظيم، المقصود بالتنظيم هنا هو إيجاد هيكل إداري رسمي للمؤسسات التابعة للدولة، أما إعادة التنظيم فهو إعادة تصميم الهيكل الإداري للمؤسسات التي بها هيكل إداري رسمي ولكنه غير مطابق لواقع هيكلها الإداري، وفي هذا الصدد يمكن ممارسة الإصلاح في مجال التنظيم وفق الخطوات التالية:

1 ـ 1 ـ التأكد من وجود هيكل إداري لكل المؤسسات الرسمية التابعة للدولة، وذلك من خلال النصوص الرسمية الخاصة بالمؤسسة مثل قانون الإنشاء أو اللا ئحة التنفيذية لقانون الإنشاء أو وجود قرار رسمي بشأن التنظيم.

2ـ1ـ التعرف على الهيكل الإداري الفعلي للمؤسسة الرسمية من خلال معرفة الإدارة العامة والإدارات التابعة لها، والأقسام التابعة لكل إدارة، والمكاتب التابعة للأقسام، والوحدات التابعة للمكاتب إن وجدت.

3ـ1ـ مقارنة الهيكل الإداري الفعلي بالهيكل الإداري الرسمي وإلغاء الإدارات والمكاتب والأقسام غير الواردة في الهيكل الرسمي.

4ـ1ـ إعادة تنظيم المؤسسات التي ليست بها هيكل رسمي عن طريق إيجاد هيكلها الفعلي وإستصدار قرار بإعتبار أن هذا الهيكل هو الهيكل الرسمي للمؤسسة.

5ـ1ـ يجب أن تصدر كل مؤسسة رسمية خريطة لهيكلها التنظيمي يعد وفق الأسس الفنية لإعداد الهياكل التنظيمية، ويعمم في جميع الإدارات والأقسام ويستخدم كأساس للتطوير في المستقبل (يمكن أن يكون هرمي أو دائري أو من اليمين إلى اليسار أو عنقودي).

6ـ1ـ عند التنظيم وإعادة التنظيم يجب مراعاة مبادئ التنظيم الإداري العلمية المعروفة مثل أن يكون لكل وحدة تنظيمية ( إدارة عامة / إدارة / قسم / مكتب / وحدة ) هدف واضح ومحدد، ومراعات وحدة تلقي الأوامر من رئيس واحد، وتقليل التكاليف، ونطاق الإشراف المناسب للمسئول الإداري، و التجانس لمكونات التنظيم الواحد، و غيرها من المبادئ الهامة.

2 ـ الحفظ والمعلوماتية

   يسمي الكثير من الباحثين العصر الذي نعيشه بعصر المعلومات، وهو فعلا ًعصر المعلومات حيث سيطرت المعلوماتية ونضمها على كل ناحية من نواحي الحياة، وأصبحت مهام جمع البيانات وتصنيفها وتخزينها وتبويبها وتحليلها من المهام الأساسية للعاملين في جميع مرافق الدولة، ومن المشاكل البارزة للخدمة المدنية في ليبيا تخلف نظام الحفظ والمعلومات وقصوره الكامل عن مواكبة التطور وعدم قدرته على تخزين البيانات وحفظ الوثائق، وصعوبة الحصول على المعلومة في الزمان والمكان المناسبين، وتعرض العديد من المستندات الهامة للضياع، والفوضى والتخبط في مجال السجلات والملفات والنماذج، وغيرها كثير من مظاهر التخلف الإداري الواضحة .

في هذا المجال، يمكن أن يتم الإصلاح كما يلي:ـ

1ـ2ـ إحياء العمل بلائحة الحفظ الرسمية إن وجدت، وإيجاد لائحة للحفظ تبين السجلات الأساسية التي يجب أن تحتفظ بها كل مؤسسة رسمية، والملفات الأساسية بأرقام كودية(رمزية) رقم كل مؤسسة رسمية، وكذلك بيان بالنماذج التي يجب إستخدامها بصورة عامة (مثل نموذج قبض نقدي / نموذج صرف / نموذج إجازة .....)

2ـ2ـ إيجاد لائحة للحفظ في كل مؤسسة رسمية تبين بالتفصيل كل السجلات والملفات والنماذج الواجب إستخدامها وفق حاجة نظام المعلومات لكل مصلحة، وذلك بالتوافق مع اللائحة الرسمية للحفظ في الدولة.

3ـ2ـ إلزام كل تنظيم إداري من قسم فما فوق بأن يكون له نوع من الحفظ ونظام للمعلومات يناسب نشاطه ويستخدم للحصول على البيانات لأغراض أعمال القسم ولكتابة تقاريرعن نشاطه بشكــــل دوري أو وفق الطلب ( سجل للوارد وسجل للصادر وعدد من الملفات على الأقل لكل قسم ) .

4ـ2ـ دعم المنظومة التقليدية للحفظ المكونة من سجلات وملفات ونماذج، بمنظومة حديثة للحفظ والمتابعة مكونة من أجهزة حاسوب ( حاسوب مركزي وطرفيات تابعة له بالمكاتب )، بحيث تخزن به جميع ما يصدر عن المصلحة من مراسلات وتقارير وجميع ما يرد إليها من مراسلات، على أن يتظمن تخزين الوارد طريقة المتابعة بحيث تتم معرفة مكان المستند عند المراجعة.

5ـ2ـ تزويد موزعي البريد بوسائل مواصلات مناسبة ومتاحة وسجلات دقيقة تبين إسم المستلم ووظيفته وتاريخ التسليم، على أن يتم تسليم المراسلات بأسرع وقت ممكن وليكن في حدود 24 ساعة داخل المدينة، و48 ساعة داخل ليبيا.

6ـ2ـ تطبيق عقوبات صارمة في حالة ضياع المستندات مهما كانت طبيعتها من حيث الأهمية أو الخطورة، بحيث تندرج بين الخصم من المرتب أو الفصل في حالة ضياع مستندات مالية أو وثائق بملفات المحاكم أو تحقيقات جنائية بمراكز الشرطة مثلاً.

7ـ2ـ إيجاد أرشيف وطني تحال إليه المستندات والوثائق التي مضى على صدورها أكثر من 20 سنة مثلاً، بحيث يهتم بتصنيفها وحفظها تحت أرقام رمزية (كودية)، ووضعها تحت تصرف الباحثين في جميع مجالات المعرفة، هذا الأمر هام جدا ً للباحثين والمؤرخين، وهذا النوع من الأرشيف يوجد في معظم دول العالم.

3ـ تكوين ملاكات للمؤسسات الرسمية

   الملاك عبارة عن جرد دقيق لعدد العناصر العاملة اللازمة لقيام المؤسسة أو الإدارة أو القسم باداء المهام المطلوبه منها بأقل تكلفة ووقت ومجهود، وهو عبارة عن جدول تدون فيه مسميات الوظائف اللازمة للعمل وأمام كل وظيفة عدد العناصر اللازمة لأدائها، وتدرج فيه الوظائف من أعلى الدرجات وتتدرج إلى الوظائف الأولية في سلم الدرجات ،ويكون مجموع العناصر في الملاك هو العدد اللازم للأداء دون زيادة أو نقصان، وهو هام جداً في تحديد عدد العناصر العاملة بحيث لاتحول المصلحة إلى تكية لتعيين المحاسيب وذوي الواسطة والوجاهة، لذلك تحرص كل دول العالم بإيجاد ملاك محدد لكل وحدة إدارية وتتقيد به عند تعيين العناصر العاملة، وفي هذا المجال يمكن إصلاح الخدمة المدنية في ليبيا وفق التالي:

3.1ـ إيجاد ملاك وظيفي لكل مؤسسة من مؤسسات الدولة، ويمكن أن يتم ذلك على مراحل بحيث يحدد ملاك التنظيمات الإدارية في نطاق الإشراف الأول، النطاق التنفيذي المباشر، كأن نبدأ بإيجاد ملاك الوحدة، تم المكتب، تم القسم، تم الإدارة، تم الإدارة العامة، تم المصلحة ككل.

3.2 يمكن لغرض إعداد ملاكات الوظائف الإستعانة بالمكاتب الإستشارية الوطنية ومركز التدريب الإداري، وكليات الإدارة والمعاهد العليا في مجال الإدارة، وذلك بالتعاقد أو التكليف المباشر.

3.3ـ يمكن للمكلف بإعداد الملاك لأي مؤسسة رسمية الإستعانة بما توصلت إليه لجنة معدلات الأداء التي تم تكوينها في تمانينيات القرن الماضي، وأنجزت الكثير في هذا الإتجاه ولم تكمل مهمتها لأسباب مختلفة، وماتوصلت إليه هذه النخبة قد يكون معين في تسريع مسألة إعداد الملاكات، يجب التنويه إلى أن معدلات الأداء هي الأساس لإيجاد ملاك للوظائف بأي مؤسسة رسميه او غير رسمية.

3.4ـ بعد الانتهاء من إيجاد ملاك وظيفي للتنظيمات الإدارية المختلفة، يجب تسكين الموظفين الحاليين على وظائف الملاك وفق العدد المطلوب لكل وظيفة، ويتم التسكين وفق تاريخ التعيين أولا ً بأول، وإن يتم بشفافية كاملة وموضوعية وتجرد.

3.5- قد يترتب على تطبيق الملاك وجود فائض في العمالة في الدولة، يمكن التصرف بشأنه بطرق مختلفة مثل تحويل الزائدين عن الحاجة إلى مؤسسات إخرى تحتاج إلى عمالة، أو تحويلهم إلى الجيش الوطني أو إعطائهم الأولوية في الإستخدام بالشركات العامة والشركات الأجنبية، أو التقاعد الإختياري وغيرها من الحلول المناسبة.

3.6ـ قد تؤدي ظروف عمل المؤسسة الرسمية إلى تعديل في ملاك الوظائف بالزيادة أو النقصان، ولكن يجب أن يتم ذلك في نطاق رسمي وبإجراء مبرر وعقلاني ومعلن، وأن يرتبط بتغيير حققي في ضروف الأداء اليومي للمؤسسة.      

4 ـ تحديد معدلات الأداء لوظائف الخدمة المدنية

   سبق لنا التعرض لمسألة معدلات الأداء أكثر من فقرة في فقرات هذه الورقة، ولكن لابأس من إعادة التوضيح وفي الإعادة إفادة، فالمقصود بتحديد معدلات الأداء هو إيجاد معدل مستهدف يتعين على الموظف تحقيقه في الساعة أو اليوم، وعلى سبيل المثال يمكن تحديد معدل أداء المعلم في مرحلة التعليم الأساسي لعشرة حصص أسبوعيا، ولأستاذ الثانوي بثمانية حصص أسبوعيا، والأستاذ الجامعي بأربعة محاضرات أسبوعيا، والصراف في المصرف بمعدل 40 زبون كل ساعة، و الطباع بمعدل 10 وسائل يومياً، وهكذا بالنسبة لمعظم الوظائف المطلوبة لإنجاز مهام الوحدة الأدارية.

   تحديد معدلات الأداء أمر جوهري وأساسي لغرض الإصلاح الإداري، لأن الإصلاح يتطلب ضبط الهياكل الإدارية للمؤسسات الرسمية، وهذا الأمر يتطلب تحديد عدد الوظائف المطلوبة للمؤسسة، أي إيجاد ملاك، وهذا بدوره يتطلب تحديد معدلات الأداء، وهكذا نجد أن معدلات الأداء هي ضربة البداية للإصلاح الإداري وخاصة في مجال التنظيم والملاكات، كما إنها جوهرية لغرض وصف الوظائف وتحديد الحوافز الإيجابية والسلبية، وغيرها من الأمور الهامة جداً لتحقيق إصلاح إداري حقيقي. وفي مجال تحديد معدلات الأداء للخدمة المدنية في ليبيا الحره يمكن القيام بما يلي:ـ

1ـ4ـ تحديد معدلات الأداء لكل وظيفة من الوظائف بالمؤسسات الرسمية التابعة للدولة، ويمكن أن يتم ذلك على مراحل بحيث تحدد معدلات أداء الوظائف الأولية المباشرة (key job)، تم تحديد معدلات أداء نطاق الإشراف، وهم أمناء الوحدات ورؤساء المكاتب ورؤساء الأقسام والمدراء العامون، ثم الوظائف الاستشارية.

2ـ4ـ يمكن الإستعانة بالمكاتب الوطنية الإستشارية المتخصصة في مجال الإدارة، ومؤسسات التدريب الإداري وكليات الإدارة والمراكز المتخصصة في مجال الإدارة، الإستعانه بها بالتعاقد أو التطوع أو التكليف المباشر، لغرض إعداد معدلات أداء للوظائف المختلفة بالمؤسسات الرسمية.

3ـ4ـ يمكن تحديد معدلات الأداء عن طريق المقابلات الشخصية مع الموظفين المختصين، أو الإستعانة بالموسوعات الدولية المختصة في هذا الشأن مع عدم إهمال الخصوصية المحلية للمجتمع الليبي، كما يمكن الإستفادة من جهود لجنة معدلات الأداء التي سبق الإشارة إليها.

4ـ4ـ يمكن الإستفادة من مفهوم الوظائف المعيارية، وهي وظائف تتشابه في العديد من مرافق الدولة، وتوجد في العديد من المناطق وتؤدي بنفس الطريقة، مثل ضابط تحقيق في مركز شرطة، صراف في مصرف، أمين سجل مدني، اخصائى اجتماعي في دار رعاية، طباع، ساعي بريد، وغيرها من الوظائف المشابهة تماماً، والتي يكفي أن تحدد معدل الأداء لأحداها حتى تستطيع إيجاد معدل أداء لمئات من الحالات المشابهة، فلو حددنا معدل أداء ضابط التحقيق بأنه التحقيق في ثلاثة قضايا يومياً، فإننا ببساطة نستطيع تحديد عدد ضباط التحقيق في أي مركز شرطة وفق عدد حالات التحقيق المتوقعة يومياً.

5 ـ المراجعة الإدارية

     المراجعة الإدارية وظيفة من وظائف الخدمة المدنية تتعلق بمتابعة أداء المؤسسات الرسمية والتأكد من أن أدائها يتم بالطريقة السليمة ووفق الروتين الرسمي المحدد لها، فهي وظيفة تتعلق بالرقابه الإدارية على مؤسسات الخدمة المدنية، ويمكن في هذا المقام تنفيذ مايلي:

1ـ5ـ إيجاد إداره للمراجعة الإدارية من ضمن الهيكل الإداري للرقابة الإدارية الحالية، مهمتها متابعة أداء المؤسسات الرسمية والتأكد من تطابقه مع المخطط الرسمي للأداء.

2ـ5ـ تحدد مهمة إدارة المراجعة الإدارية في التأكد من أن :

ـ التنظيم الفعلي للمؤسسة يتطابق مع التنظيم الرسمي المعتمد.

ـ عدد الوظائف الفعلي يتطابق مع الملاك المعتمد.

ـ حالات التعيين تتم وفق الروتين الرسمي.

ـ نظام المعلومات من سجلات وملفات ونماذج متطابق مع لائحة الحفظ الخاصة بالمؤسسة.

ـ أن أهم الإجراءات في المؤسسة تتم وفق دليل الإجراءات المعتمد لكل حالة.

ـ أن الندب والإعارة والتجنيد يتم وفق الروتين المحدد وفي نطاق القانون.

ـ سلامة ما يتم من ترقيات وظيفية.

ـ التأكد من وجود وصف وتوصيف للوظائف والتأكد من إستخدامه فعلا.

ـ التأكد من سلامة جهود التدريب من حيث تحديد الإحتياجات التدريبية والترشح للدورات وتنظيم الدورات وتقييمها والإستفادة من برامج التدريب عملياً.

ـ التأكد من أن الحوافز تتم بعدالة وموضوعية.

3ـ5ـ يمكن ان تتم المراجعة الإدارية بشكل دوري، نصف سنوي مثلاً، وأن يترتب عليها تقارير رسمية ترفع لأعلى سلطة بالدولة لغرض التصحيح إذا أثبتت التقارير وجود خرق للروتين الرسمي في أي مجال من مجالات عمل الخدمة المدنية.

6ـ إيجاد دليل للإجراءات لكل إجراء في المصلحة

   وهو من الأمور الهامة جداً للخدمة المدنية لأنه يؤمن تبسيط الإجراء وجعله يقدم في أقل وقت وبأقل جهد، ويؤمن نمطية الإجراء وتوحيد طريقة إنجازه من قبل الموظفين، كما أن دليل الإجراءات يحقق المساواة التامة بين المواطنين عندما تستخدم في إنجاز الإجراء بشكل روتيني دائم، كما أنه يساعد على ترشيد الأداء الإداري وتكوين تقاليد إدارية راسخة للإجراء تجعل من العمل الإداري حرفة ومهنة محددة وليس أداء عشوائي على غير هدى.

   وعادة ما يتم إعداد دليل الإجراءات بعد دراسة الإجراء المقصود دراسة جيدة من حيث الهدف والوظيفة التي يقوم بالإجراء والمكان (قسم / إدارة) والزمان اللازم للإنجاز وموعد الإجراء وخطوات الإنجاز والمستندات المطلوبة والأصل القانوني المنشئ للإجراء، وعند إعداد دليل للإجراء، يتم رسم خريطة تدفق( flow chart ) تبين خطوات الإجراء وفق المختصرات المستخدمة لهذه الخرائط، وقد تعرف هذه الخرائط بأسم تربلج، وهو عبارة عن معكوس اسم عالم الإدارة جلبرت الذي صمم خريطة التدفق هذه ونادى باستخدامها لبيان خطوات الإجراء الإداري.

   وبالنسبة لتبسيط الإجراءات و إيجاد دليل لها في ليبيا يمكن الإشارة إلى الجهد الكبير الذي بذلته لجنة تبسيط الإجراءات التي تم تشكيلها لغرض تبسيط إجراءات المؤسسات التابعة للدولة، وقد إستمر عملها من سنة 1982 إلى سنة 1989 حيث نشرت نتائج أعمالها في عدد 8 مجلدات تتظمن تنميط وتحديد لعدد كبير جدأ من إجراءات التي تتم في الوزارات والبلديات بليبيا (لجنة تبسيط الإجراءات،1989)(7)، وللأسف لم تستخدم هذه الأدلة في الواقع العملي لإنعدام المتابعة والجدية والإرادة للإصلاح، خاصة وإن أمانة الخدمة العامة التي كانت موجه لهذه اللجنة ومشرفة عليها قد ألغيت، وبالتالي ضاع الجهد الكبير الذي بذلته أدراج الرياح.

ونظراً لأهمية إيجاد دليل للإجراءات في الخدمة المدنية في ليبيا، يمكن القيام بما يلي:ـ

6.1ـ إيجاد دليل للإجراءات بكل مؤسسة رسمية من مؤسسات الدولة، وتنفيذ الدليل بكل دقة ووفق تعليمات الجهات العليا، وخاصة الإجراءات التي تتعامل مع الجمهور.

6.2ـ لغرض إيجاد دليل للإجراءات يمكن الإستفادة من جهود اللجنة المركزية لتبسيط الإجراءات التي سبق الإشارة ، وذلك بإيجاد المجلدات التي نشرتها هذه اللجنة وإستخدام ما ورد بها من دلائل للإجراءات.

6.3ـ لغرض إيجاد دليل للإجراءات يمكن الإستفادة من مراكز التدريب الإداري ومراكز البحث العلمي المتخصص في مجال الإدارة وكليات الإدارة وغيرها من المؤسسات المتخصصة أما بالتعاقد أو التكليف المباشر أو التطوع، وذلك وفق مخطط محدد يتناسب مع الإجراءات ودرجة تعقيدها وأهميتها لكل مؤسسة رسمية.

6.4ـ هناك بعض الإجراءات التي لها علاقة مباشرة بمصالح الجماهير وتطلعاتهم ويجب أن تتضمن دليلها رقم للأسبقية معلن ومعروف لكل الزبائن بحيث يتم التقيد به عند الإنجاز بشكل دقيق وشفاف، مثل طلبات القروض لأي غرض من الأغراض وطلبات الإسكان وصرف الصكوك في المصارف وطلبات التعيين، وغيرها من الإجراءات التي يمكن تحديدها في كل مصلحة من المصالح الدولة.

ج ـ عوائق إصلاح الخدمة المدنية في ليبيا

   عملية الإصلاح الشاملة التي يتعين القيام بها في مجال الخدمة المدنية في ليبيا، ستصطدم بالعديد من العوائق المتنوعة التي قد تؤدي إلى فشلها، أو عدم تحقيق كامل أهدافها، ولعل أهمها.

1ـ زيادة نسبة البطالة في المجتمع نتيجة الإستغناء عن العمالة الزائدة في دواوين الدولة، وهو أمر مؤكد إذا كان الإصلاح جذري وشامل، وذلك إنه بإستخدام معدلات الأداء وضبط الملاكات سيؤدي طبعا ً إلى وجود عمالة زائدة لابد من الإستغناء عنها.

2 ـ مقاومة التغير من قبل العاملين بجهاز الخدمة المدنية، وهي ظاهرة طبيعية حيث يسعى الموظف الذي تعود على روتين معين من العمل إلى مقاومة التغيير بكل جهده لتعوده وإقتناعه بإسلوب أدائه، ولخوفه من التغيير على مستقبله وفرصه في الترقية والبقاء.

3ـ محاربة الإصلاح بشكل صريح وغير صريح، وخاصة من العناصر غير المنتجة أو التي تقلدت الوظيفة بالوساطة وهؤلاء يعلمون جيدا ً أن تيار الإصلاح قد يجرفهم خارجاً، لذا سيحاربون محاولات الإصلاح بكل قوة.

4 ـ الإلتفاف على الإصلاح وتفريغه من مضمونه عن طريق تبني الإصلاح ظاهريا ً وعدم تطبيقه عملياً، وهو أخطر عائق يواجه الإدارة والإصلاح الإداري في العالم الثالث بصورة عامة، ويمكن إعتبار تجربة لجان التطهير في ليبيا نموذج للإلتفاف على الهدف.

5ـ عدم جدية القيادات العليا في الإصلاح وتبنيه لأغراض الإعلام والعلاقات العامة فقط، خاصة إذا عرفنا إحتمال زيادة أهمية الإعلام الحر وقدرته على توجيه النقد والمحاسبة وإثارة الرأى العام، بحيث يتبنى المسؤل الأول عن المصلحة الإصلاح الإداري أمام عدسات التلفزيون وناقلات صوت الإذاعات المسموعة وفي الصحف، ومن الناحية العلمية تظل ممارساته دون تغير يذكر.

6ـ جعل جهاز الخدمة المدنية حلبة للصراع على السلطة بين الأحزاب، بحيث يستغل الحزب أو الإئتلاف الحاكم فرصة وجوده في الحكم لتعيين مؤيديه وقياداته في وظائف الدولة، بحجة الإصلاح وبالتالي ضرب الإصلاح بالإصلاح كما فعلت حركة اللجان الثورية في مسألة التطهير في العهد الغابر.

7ـ عدم القدرة على مواصلة الإتجاه، وهي من خصائص المجتمعات النامية ذات الخلفية الريفية مثل المجتمع الليبي، فقد يبدأ الإصلاح بقوه ويحشد له كل الجهود والمتطلبات، ولكن يدب الوهن و يفتر والحماس في المنفذين شيئا ً فشيئا ً إلى أن يتحول الإصلاح إلى موضوع قديم ليست له أهمية ( فزعة قبلية ).

8ـ التمويل المطلوب للإصلاح قد يكون كبير وبالتالي قد تتردد الحكومة في تطبيق الإصلاح، أو تؤجله مؤقتا ً لحين تيسير أمور التمويل.

9ـ ستصطدم عملية الإصلاح بمنظومة القيم السيئة التي سيطرت على تصرفات وأفكار قطاع واسع من الليبيين، مثل إعتبار أموال الدولة مشاع لابأس من اختلاسها، والنضر إلى الدولة كرافعة لتقليل البطالة واعتبار الجهود العلمية للإصلاح مثل الوصف والتوصيف ومعدلات الأداء والملاكات والتنظيم الرسمي، إمور تحصيل حاصل ومجرد ملفات ضخمة من الورق لا أهمية لتطبيق ماورد فيها، فقد حدت هذا الأمر تماما ً بجهود لجان الإصلاح الإداري في ليبيا في الثمانينيات مثل لجنة الوصف والتوصيف ودلائل الإجراءات ومعدلات الأداء.

سادساً : التوصيات

1-  عدم التردد في تطبيق الإصلاح لأنه ضرورةللمجتمع والدولة في ليبيا.

2-  تخصيص رسائل ماجستير واطروحات دكتوراه لدراسة جوانب الأداء للاداره العامه في ليبيا وكشف ما بها من عيوب ومشاكل.

3-  ضرورة إيجاد تنظيم للخدمة المدنية في ليبيا مثل وزاره أو مجلس أو لجنه دائمة، تهتم بالقطاع وتوجهه وتنظمه.

الهوامش:

1-    (1)(www. Business dictionary .com 24/11/2011)

2-    حسن الحلبى, الخدمة المدنية فى العالم, البحر المتوسط , بيروت 1981, ص 14

3-    ونيس المهدي ارحومة، الإدارة في مجال التطبيق، الكتاب والتوزيع والإعلان والمطابع، بنغازي، 1978،ص 15

4-     الهيئة العامة للمعلومات النتائج النهائية للتعداد العام 2006، طرابلس 2008

5-    www>Wikipedia.org/ wikicevieservice 15.11.2011)(

6-    حسن الحلبي، نرجع سابق، ص 14

7-    كنموذج لهذه المجلدات يمكن الإطلاع على مجلد دليل الإجراءات الإدارية بالبلديات /اللجنة الشعبية للضمان الإجتماعى، منشورات اللجنة المركزية لتبسيط الإجراءات، طرابلس 1989.

المراجع:

1-     الهيئة العامة للمعلومات، (2008)، النتائج النهائية للتعداد العام للسكان سنة 2006، طرابلس.

2-     ونيس المهدي ارحومة، (1978)، الإدارة في مجال التطبيق، الكتاب والتوزيع والإعلان والمطابع، بنغازي.

3-     حسن الحلبى، (1981)، الخدمة المدنية في العالم, البحر المتوسط، بيروت.

4-       www. Business dictionary .com 24/11/2011.

5-       www>Wikipedia.org/ wikicevieservice 15.11.2011.

اتصل ألان

وحدة تحكم تشخيص الأخطاء لجوملا

الدورة

معلومات الملف الشخصي

الذاكرة المستخدمة

استعلامات قاعدة البيانات