مساهمة المرأة العربية في التنمية وعلاقة ذلك بأمنها النفسي في ظل المتغيرات العالمية
د. كريمة علي التكالي
الجامعة الليبية/ تاجوراء
المقدمة:
عانت المرأة العربية على مدى العصور الماضية الكثير من الإهمال سواء في ميدان الصحة او التعليم او الحقوق الاجتماعية والسياسية، غير أنه في عام 1995 حظى موضوع المرآة في مؤتمر بيجين (بكين كما في بعض الدراسات) بالإهتمام الدولي والإقليمي ثم المحلي، مما دفع بالكثير من الدارسين والباحثين والإعلامين بالإهتمام بالبحوث الميدانية التي تتناول المرأة في ظل المتغيرات العالمية الجديدة، فنحن نعيش عصر الحرية الإقتصادية والأسواق المفتوحة، وعصر القوانين الجديدة للتجارة وإنطلاق الشركات الكبرى والتوجه إلى هيمنة إقتصادية غير مسبوقة من تلك الإقتصاديات الكبرى على تلك الأقل منها قوة وإنتشارا، فالمتغيرات مثل:
1. إيجاد شرق أوسط جديد كبرنامج مبادرة الشراكة مع الشرق الأوسط الذي تم تطويره بهدف التنسيق لتحولات في العالم العربي. هذا البرنامج ربط بين الإصلاح الإجتماعي والإصلاح السياسي ويضع حقوق المرأة على قائمة أولوياته، وركز على الجانب الثقافي ومحاولة زرع قيم وأفكار جديدة كالديمقراطية وتوسيع القاعدة السياسية ودمج المرأة العربية في عملية البناء والتنمية.
2. التحولات السياسية والاقتصادية: كالأزمات الإقتصادية، وإرتفاع معدلات الفقر، والتطور السريع في الإتصالات والمعلومات والمرئيات والتعليم مما أثر في الأسرة العربية.
3. إحداث الحادي عشر من سبتمبر وظهور مفهوم الإرهاب، وتعرض الدول العربية والإسلامية الى الكثير من النقد والضغط السياسي والاجتماعي على إعتبار هذه الدول ترعى الإرهاب بشكل كبير.
هذه المتغيرات العالمية شكّلت ضغوطا خانقة على الحكومات العربية مما إضطرها الى العمل على إضافة فقرات في دساتيرها تنص على المساواة في فرص التعليم والصحة وفرص العمل ومنحت بعض الدساتير النساء حقوقا سياسية وفي الحياة العامة، وصدرت عدة قوانين وتشريعات كقانون العمل، والإنتخاب، وتشكيل الوزارات التي تهتم بشؤون المرأة ، والفاعل الرئيسي هي الضغوط الخارجية التي كانت لصالح المرأة، حيث طرحت مفهوم يجعل المرأة عنصرا أساسيا في الثروة البشرية لكونها تشكل نصف المجتمع لذا يتوجب دعمها وتنظيم قدراتها واعلاء شأنها والعمل على تغيير نظرتها لنفسها على نحو يجعلها قادرة على الدفاع عن مصلحها، وعلى عدم إستغلالها بمختلف الأشكال والصور. إن مفهوم التنمية البشرية يشير الى أنها عملية توسيع خيارات الناس، والمقصود بالخيارات هو الفرص المنتقاة في ميادين أساسية للحياة الإنسانية .
غير أن التنمية البشرية هي عملية مستدامة "تدعو إلى تمكين جميع الافراد من توسيع قدراتهم البشرية الى اقصى حد ممكن فهي تنمية متوالية للناس، وموالية للطبيعة، فهي تعطي أعلى أولوية للحد من الفقر وللعمالة المنتجة وللتكامل الاجتماعي، وهي تعترف أيضا بعدم إمكانية تحقيق الكثير بدون حدوث تحسن كبير في وضع المرأة وفتح جميع الفرص أمامها.
لقد أظهرت تقارير التنمية البشرية العربية عن نهوض المرأة في الوطن العربي الإصدار الخامس من سلسلة إصدارات يدعمها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في نطاق تقارير التنمية البشرية، ويبدأ التقرير برصد إتجاهات التنمية في المنطقة العربية خلال الفترة التي مضت منذ صدور التقرير الرابع وبالنسبة للتقارير السابقة. فلقد حدد التقرير الأول الصادر عام 2005م ثلاثة أوجة للقصور الأساسية في إكتساب المعرفة والحريات السياسية وحقوق المرأة التي أعاقت مسيرة التنمية الإنسانية في أرجاء المنطقة العربية، على الرغم مما تتمتع به من ثروات طبيعية وإمكانات عاليه لتحقيق التقدم الإقتصادي والإجتماعي، وقد ركز التقرير الثاني والثالث على مواطن القصور في مجالي المعرفة والحرية، اما تقرير 2008م فقد رسم الخطوط العريضة للمفاهيم والقضايا التي تحدد حقوق الإنسان والتنمية الإنسانية للنهوض بالمرأة في البلدان العربية.
ولما كان موضوع هذه الورقة البحثية هو المرأة العربية والتنمية البشرية وعلاقة ذلك بأمنها النفسي في ظل المتغيرات العالمية، فقد تم تحديد أهداف الورقة بما يلي:
1. تقديم شرح و تحليل للواقع الإجتماعي للمرأة العربية.
2. تحليل العوائق التي أسهمت في إنخفاض مساهمة المرأة في التنمية.
3. التعرف على علاقة التنمية بالأمن النفسي للمرأة.
وهذه التحليلات وعلاقة التنمية بالأمن النفسي للمرأة أثارت عدد من التساؤلات التي يمكن طرحها كالأتي:
أ. ما هي العوامل التي حددت أو أثرت في واقع المرأة العربية الإجتماعي الحالي.
ب . ما هي العوائق التي أسهمت في إنخفاض مساهمة المرأة العربية في التنمية.
ج . ما علاقة التنمية بالأمن النفسي للمرأة العربية.
لقد أعتمدت ورقة العمل هذه المنهج الوصفي الذي يسعى إلى تقديم صورة تحليلية وصفية للواقع الإجتماعي الحالي للمرأة العربية والدور الذي تلعبه العوامل الإجتماعية في تحديد ووصف العوائق التي تحد من مشاركة المرأة العربية في التنمية، ثم يوضح فيما إذا كانت هناك علاقة بين التنمية والأمن النفسي للمرأة العربية.
الواقع الإجتماعي للمرأة العربية:
تسعى الحكومات الوطنية المخلصة لشعوبها إلى بناء مجتمعاتها علميا لينعكس ذلك في كافة مجالات الحياة الإقتصادية والإجتماعية والسياسية، كما تهتم بعملية التنمية "كعملية متكاملة تهدف إلى الإرتقاء بالعنصر البشري دون تمييز بين فئاته"، وهذا يحتاج إلى تخطيط فعال في كافة مناشط الحياة، غير أن الإفتقار الى المعلومات الإحصائية الأساسية قليلة لا ترسم لنا صورة عن واقع المرأة العربية وإحتياجاتها وإمكاناتها بما يمكننا من وضع تخطيط يمكنه دفع عجلات التنمية، والإستفادة من كافة الموارد البشرية التي يمكن تسخيرها لخدمة المجتمع.
إن الإعتماد على قوى الرجل وتهميش دور المرأة جعلها سلبية ومتخلفة ثقاقيا وإجتماعيا وإقتصاديا وسياسيا، مما أدى إلى تعطيل نصف القوى البشرية التى كان بإمكانها أن تتحرر من التبعية للرجل وشق طريقها بكل عزم وثبات في كل مجالات التنمية، وهذا أدى الى خسارة عدد كبير من القدرات والمهارات الفنية والحرفية للمرأة والتى كان يمكن توظيفها للتنمية وبالتالي لخدمة المجتمع.
ان واقع المراة الحالي هو نتاج لعصور مضت، فلقد كانت المراة ولا تزال عنصر تنموي بارع يتوارى وراء الرجل (الزوج .الاخ.....)، ومع كل المتغيرات واصلت المراة العطاء والبناء الاسري وتحملت الهموم والمسؤوليات العظام، ومع مرور الوقت وتقدم التعليم حاولت ان تفتح مجالات للمشاركة في التنمية، إلا أنها كانت تواجة العديد من العوائق التي تحول بينها وبين إقدامها على التنمية وبشكل قد يكون مخطط له علميا وفعالا، لأسباب عديدة منها:
1. إتاحة فرص التعليم: يشير تقرير التنمية البشرية العربية لأوضاع المرأة العربية لعام 2010م إلى أن معدلات الأمية لدى الإناث لاتزال مرتفعة (اذ بلغ معدل الأمية للإناث النصف مقارنة بالثلث فقط للذكور)، وعرفت اليونسكو المرأة الأمية "بانها المراأة التي لاتعرف القراءة والكتابة"، في حين تشير البيانات المتاحة إلى أن البنات في المنطقة العربية أفضل من البنين في التعليم المدرسي، ويؤكد التقرير على أهمية زج المرأة في عملية التنمية في البلدان العربية، ولو فعلت ستجني مكاسب هائلة من تحقيق المساواة بين الإناث والذكور في فرص إكتساب المعرفة وتوظيفها في عملية التنمية لغرض النهوض المجتمع.
2. تباطؤ النمو الإقتصادي: رغم حصول توسع في مشاركة المرأة في النشاط الإقتصادي خلال عامي 1995-2003م، إلا ان التباطؤ الاقتصادي في المنطقة العربية فرض قلة الطلب على العمالة النسائية، وحتى إذا كان هناك طلب فيفضل الرجل، لأن بعض المؤسسات لاترغب بتوظيف المرأة لكثرة إجازاتها للإنجاب، وفي حال اللإشتغال لاتتمتع المرأة بفرص متساوية مع الرجل في التدريب والترقي الوظيفي حتى تصل لقمة سلم إتخاذ القرار، ويدخل تحت باب الإقتصاد أيضاً ان مساهمة المرأة في التنمية الإقتصادية والإجتماعية سيؤدي الى إزدياد الدخل الوطني وتراكم رأس المال مما يساعد على النهوض بالتنمية، فدخول المرأة لسوق العمل بجعلها تتحول من عنصر مستهلك لا إلى عنصر منتج، مما يعني زيادة نسبة رأس المال لأغراض البناء على حساب المستهلك من الدخل القومي، هذا فضلا عن أن المرأة نفسها تعاني من الفقر وضعف الدخل إذ يتسرب دخلها إما لإعالة الأسرة أو سيادة الرجل على مواردها المالية كما في بعض المجتمعات الشعبية أو الريفية، ومن هنا يتوجب على المسؤولين وضع خطط فعالة لزج المرأة في عملية التنمية.
3. الصحة: تعاني المرأة من عدم الإهتمام بصحتها وخاصة مع نقص العناية بالأم والطفل في أغلب المجتمعات العربية، فهي تعاني من مخاطر المرض والوفاة المتصلة بوظائف الحمل والإنجاب مما يوحي بأن هذا الفاقد النسبي يعود إالى أنماط حياة عامة تتسم بالتمييز ضد النساء (تقرير التنمية البشرية العربي، 2005)، فتوقعات الحياة للإناث كانت مرتفعة في الكويت إذ بلغت 2.75%، والإمارات 6.75%، والبحرين 6.73%، ومتوسطة في الأردن 5.67%، ولبنان 3.67%، والعراق 8.62%، والمغرب 8.66%، ومنخفضة في جيبوتي 4.5%، والسودان 7.45%، واليمن 5.8%، وهذا يعني إن مجالي التعليم والصحة يستدعيان زيادة الإنفاق عليهما.
4. العنف ضد المرأة: إن معاناة المرأة والمساس بكرامتها تشير له التقارير الإعلامية الإخبارية بالإضافة إلى تقرير التنمية البشرية لعام 2005، والذي جاء بها "بالنسبة لتفاقم إنتهاكات حقوق الانسان في البلدان العربية فالنساء نالت نصيباً مزدوجاً من الإنتهاكات الأجنبية في ظل أوضاع إنسانية مزرية مع إنتشار الفوضى وجرائم الإغتصاب والإنتقاص من كرامتها وتضييق حريتها الشخصية، والمشقة بسبب غياب العائلين عن أسرهم خلال النزاع والإعتقال لفترات طويلة، وتماشيا مع الإتجاهات العالمية كُرست حكومات عربية بذريعة مكافحة الإرهاب وقوانين الطوارئ". إن الخطوة الأساسية لمناهضة العنف في العالم العربي هو فضحه ومحاربة إخفائه والتستر عليه سواء حصل في موقف خاص أو عام.
5. القوانين والمرأة: بالنسبة لمسالة القوانين والتشريعات التي من المفترض أن تكون محصلة واقع إجتماعي وما يسوده من علاقات مجتمعية وإنتاجية يظل حدوث تطور اجتماعي شرطاً لابد منه لسن التشريعات والقوانين، ومن المفارقات أن هناك مجتمعات قد حققت تطوراً نسبياً على هذا الصعيد، ورغم ذلك ظلت القوانين المعمول بها لا ترقى لمستوى التطور المجتمعي، على الرغم من أن قوانين العمل لا تميز ضد النساء، إلا إن قوانين ولوائح الأسرة مثل أجازة الوضع وحدود ساعات العمل كثيرا ما تمنع أصحاب العمل من توظيف النساء، ويقترح تقرير التنمية الإجتماعية للمرأة لعام 2005م، سلسلة من الإصلاحات القانونية من القوانين الوطنية والإتفاقات العالمية مثل (سيداو)، وإتفاقيات العمل الدولية والمناداة بفرض الإجراءات الكفيلة بحماية الحقوق المدنية والشخصية لجميع النساء بمن فيهن المغتربات في البلاد العربية، فإذا أردنا تمكين المرأة موضع التنقيذ لايمكن أن يتم ذلك دون جهد منظم ومستمر للمنظمات النسائية والشعبية وغيرها من الهيئات ذات التوجة المؤيد لعملية زج المرأة بعملية التنمية، لذلك لايجب التركيز على تغيير التشريعات ولكن أيضا على التعبئة السياسية والتوعية بالقضايا المطروحه، حيث يبدأ التغيير من القاعدة العريضة من النساء التي تعي مشكلاتها وجوانب الضعف في حياتها، ثم تصعيد القضية إلى أعلى، كما أكد مؤتمر القمة المنعقد في الجزائر على أهمية تمكين المرأة من لعب دور بارز في كافة مجالات الحياة العامة، وعلى ضرورة إطلاق مبادرات وإستراتيجيات وخطط عمل تهدف إلى تحقيق المساواة وتعزيز الوعي بالمبادئ والقيم العربية الإسلامية التي تكفل حقوق المرأة ودورها في المجتمع وسن التشريعات اللازمة لحمايتها، ورفض كل أشكال التمييز ضدها والعمل على ضمان مشاركتها في صنع القرار على قدم المساواة مع الرجل في كافة الأنشطة الإجتماعية والسياسية.
6. دور المنظمات الأهلية العربية في التنمية: يشير مفهوم المنظمات الأهلية غير الحكومية والمعروفه (NGOs) إلى جملة المبادرات الإجتماعية الطوعية التي تنشط في مجالات مختلفة، مثل الخدمات الإجتماعية والمساعدات الخيرية وخدمات التعليم والتدريب المهني وتأهيل النساء وتنمية المجتمعات المحلية والدفاع عن حقوق الإنسان والطفل، وتتميز هذه الجمعيات بالطوعية والإستقلالية وعدم السعي إلى الخدمة الشخصية للأعضاء، ثم المشاركة في الشأن العام، ولهذه الجمعيات خمسة أنواع من النشاط كالجمعيات الخيرية، ومنظمات الخدمة والرعاية الإجتماعية، ومنظمات التنمية، والمنظمات الدفاعية، ومنظمات ثقافية متنوعة. لقد أسهم إنخراط النساء بالجمعيات المدنية التي تعني بقضايا العمل الحقوقي والعمل السياسي في إعادة تدريب المجتمع على قبول الحضور النسائي الفاعل، ويلاحظ التقرير أن الحركة النسائية إستفادت من الأوساط الإعلامية ومهدت هذه الوسائل الإعلامية لإنتاج خطاب جديد في التحرر، فالرواية العربية تلقي الضوء على جوانب قمع النساء وعلى تسخيرهن كأدوات أدمية لهيمنة الذكور، مما ساعد على توعية الجمهور بقضايا المرأة والظلم الذي لحق بها جراء التقاليد أو القوانين الجائرة.
7. المجال السياسي: إن القضية الأساسية التي تتمثل في القضاء على الإستغلال ضد المرأة بكافة صوره وأشكاله لايمكن حلها إلا بمؤازرة كل من الرجل والمرأة على البناء والتنمية، فمن الصعوبة أن يتغير أي مجتمع من المجتمعات إلا أن يتم ذلك، فعلماء الإجتماع والباحثون يشيرون إلى أنه إذا ما أستمرت المرأة في تخلفها وضعفها فأن قضية التنمية في المجتمع سوف لم تحل. إن من حق المرأة والرجل على حد السواء التمتع بالحياة الكريمة مادياً ومعنوياً، فنهوض المرأة الذي يجمع بين الحقوق والتنمية يعتبر جزء من تمتع المجتمع بالحرية المدنية والسياسية، وكل من الرجل والمرأة هما نواة المجتمع وتحررهما من الجهل والمرض والخوف، ومن أشكال تحقيق الكرامة الإنسانية هو تحرر المجتمع بأكمله وليس نصفه أو جزء منه. إن الأجندة الدولية شهدت تغيرات جذرية منذ مطلع التسعينيات حيث تصاعدت أهمية بعض القضايا مثل حقوق الإنسان والمرأة والأقليات والتحول الديمقراطي، وأخذت المطالبة الدولية بالدعوة إلى تغيرات في مكانة المرأة والضغط على الدول العربية لدفعها إلى التدخل لتعزيز مكانة المرأة العربية ودعم المشاريع للمؤسسات النسائية. إن تمكين المرأة لا يهدد أي نظام سياسي بل هي تحول قضية كبرى إلى جملة مشروعات صغيرة يستطيع أى نظام ديمقراطي التعايش معها، وعلى الرغم إن هناك اتجاها عاما في المنطقة العربية نحو تمكين المرأة عن طريق سن القوانين ولكن العبرة تكمن في تطبيقها على أرض الواقع، فالمرأة العربية لم تشارك في العمل السياسي إلا مؤخراً، إذ حصلت على حق الإنتخاب والترشح وإعتمدت بعض الدول هذه الحقوق، والبعض من الدساتير أعتمدت نظام الحصص لتضمن وجود المرأة ضمن البرلمانات العربية للدفع بالمرأة لتتمكن المرأة من ممارسة حقوقها السياسية.
المرأة والأسرة: لقد مارست المرأة العربية على مدى العصور التاريخية أدوارًا عديدة من خلال نظم المجتمع الذي تعيش به، وأستطاعت أن تحقق توافق بين كل أدوارها الأسرية سواء داخل المنزل أوخارجه، وفي العصر الحديث تؤدي المرأة دورا فاعلا في عملية التنمية المجتمعية مما يساهم في تماسك الأسرة، كما أن العمل الخارجي يخدم المرأة ويجعلها أكثر تفهما لدورها كزوجة تشارك في القرارات الأسرية.
إن العمل له تأثير إيجابي في اتجاة المرأة نحو تنظيم الأسرة وذلك من أجل النهوض بالمستوى المعيشي وتوفير مستوى أفضل للأطفال، ومما يجب ملاحظته أن الأم تربي النشئ ومن خلال ذلك تطبعهم في كل همومها وإنكسارها وبؤسها وإحباطاتها ومشكلاتها وطموحها وذلك لإرتباطها العضوي بهم. إن إشتغال المرأة أكسبها الحكمة والتعقل بادإرة شؤون الأسرة، مما يعني أن للعمل دور إيجابي أسرياً ومعاشياً وتربوياً إنطلاقاً من أن (الأم مدرسة اذا أعددتها اعددت شعباً طيب الأعراق).
ومما سبق يمكن إن نستنتج ما يلي:
أ. يشير الواقع التعليمي للمرأة ان هناك تقدماً في تعليم المرأة، رغم أن الأمية لا تزال تنهش المجتمعات العربية والمرأة هي المتضررة الأكثر.
ب. لاتزال المرأة تعاني من مخاطر المرض والوفاة المتصلة بوظائف الحمل والولادة في أغلب المجتمعات، وهذ ما يتطلب زيادة الإنفاق على التعليم والصحة.
ت. أن هناك إرتفاع في نسب مخرجات التعليم الجامعي بين الإناث، وإنخفاض نسب المشاركة أو الإلتحاق بسوق العمل، مما يعني إن نسبة قوة العمل النسائية من مجموع الإناث في البلدان العربية لاتزال منخفضة.
ث. لاتزال المرأة تعاني من الفقر والتعرض للعنف.
ج. سياسياً حصلت بعض النساء على التمثيل البرلماني نصاً في الدساتير، ولكن لايزال هذا ضعيفا ولم تستفاد منه الغالبية من النساء فهو تجميلي للحكومات، وبعض الدساتير نصت على نظام الحصص.
ح. لعمل المرأة جانب إيجابي، كما إن المرأة لازالت تسجل نجاحاً في كل الأدوار التي تلعبها سواء في الأسرة او العمل.
تحليل العوائق التي تسهم في إنخفاض مساهمة المرأة في التنمية:
إن الوطن العربي بأمس الحاجة لتمكين ومساهمة المرأة في خطط عمليات التنمية وإدماجها في مشاريع التنمية مع إعتماد التعليم والتدريب والتأهيل، بما يتناسب وحاجة سوق العمل من جهة وطبيعتها البيولوجية والإجتماعية من جهة أخرى، والمرأة خلال مسيرتها عانت كثيراَ من تحديات مجتمعية واسعة شملت الجانب الإجتماعي والإقتصادي والسياسي والثقافي، وبالمقابل إن المتغيرات العالمية في بعض جوانبها كانت لصالح المرأة، إذ ساعد تمكينها من كسر كثير من حواجز العادات والتقاليد وإجتياز عدد من القيم البالية، وحشدت الطاقات الوطنية لتشجيع المرأة في الإندماج في التنمية البشرية، فالنموذج الجديد للتنمية يؤكد ضرورة إزالة كافة أشكال التمييز والإضطهاد ضد المرأة حتى تتمكن من توظيف قدراتها إلى أقصى حد ممكن في عملية التنمية، وهو نموذج التنمية المستدامة الذي يمنح المرأة قدراً من الثقة بقدراتها على التعامل مع المتغيرات العالمية وعناصرها (العولمة ، وثورة الإتصالات...الخ)، مما ساعدها على تخطي منظومة القيم الإجتماعية والأنماط السلوكية التي ظلت زمناً ليس بالقليل مكبلة بها من قبل المجتمعات العربية. إن التنمية البشرية المستدامة في كل محاورها وعناصرها تشكل تحدياً إجتماعياً للمرأة، ولكن قد تتمكن المرأة من إجتيازها والتغلب عليها إذا حشدت طاقات التعليم والتدريب والتأهيل والتشجيع مما يكسبها الخبرة والتجربة وفق خطط علمية مدروسة تقحم المرأة في عملية التنمية.
لقد ساهمت الحركات النسائية والجمعيات النسائية في إظهار دور المرأة في الحركات الشعبية والكفاح الوطني والمطالبة بزيادة نفوذ المرأة عن طريق دعمها وتنمية قدراتها الذاتية، مما يمكنها من الدفاع عن نفسها وتحديد إختياراتها ويجعلها عضو مؤثراً في إتجاهات التغيير في المجتمع، فالسياق المجتمعي لحال المرأة والعوائق التي تحد من مشاركتها في التنمية يحدده:
1. الموروث الثقافي: لقد تبلورت قناعة راسخة حول حيوية دور المرأة في مواجهة تحديات التنمية على كافة المستويات، وفي كافة المؤتمرات الوطنية والإقليمية والدولية، والتي إنبثق عنها ما يجب على المجتمع الدولي وعلى الحكومات أن تقوم به في سبيل إزا لة العوائق التي تحد من مشاركة المرأة في عملية التنمية، وذلك إيماناً بأن تحقيق الإصلاح الشامل للمجتمعات رهين بإسهامات المرأة فيه في شتى مجالات التنمية، ليس فقط بإعتبارها الشريك الأصيل في النظام الإجتماعي والإقتصادي ونصف القوة البشرية المؤثرة في بناءه، ولكن لأنها أيضاً مسئولة عن النصف الأخر.
وإقتناعا بذلك كله فقد أولت جامعة الدول العربية منذ عام 1971 من خلال إنشاء لجنة المرأة العربية، وإدارة المرأة بالأمانة العامة لتقوم بالتنسيق بين الجهات المعنية بشؤون المرأة في الدول العربية من خلال وضع الإسترتجيات وخطط العمل والبرامج التي تستهدف النهوض بأوضاع المرأة العربية وتعزيز مكانتها، كما أن مفهوم التنمية المجتمعية يهدف إلى إستغلال الموارد البشرية والمادية لتوفير الصحة والغذاء والثقافة والتعليم والعمل والحرية والعدالة لجميع أفراد المجتمع، ولكن إين المرأة من هذا المفهوم؟، والحقيقة الملموسة إن المرأة حقوقها منقوصة في كل ذلك إنطلاقاً من عوائق وعراقيل تعترض مسيرتها رغم أن التنمية لاتتحقق بدون مشاركة المرأة، إن أوجة القصور الأساسية حددها التقرير الأول الصادر عام 2002 م.
2. إكتساب المعرفة والحريات السياسية وحقوق المرأة التي أعاقت مسيرة التنمية الإنسانية في أرجاء المنطقة العربية على الرغم مما تتمتع به من ثروات طبيعية وإمكانات عالية لتحقيق التقدم الإقتصادي والإجتماعي، أما التقرير الثاني والثالث 2004م فحددا القصور في مجالي المعرفة والحرية.
3. إن السياق المجتمعي لحال المرأة هي إن أنماط السلوك الإجتماعي يسهم في تحديد مكانها في المجتمع، ويتركز ذلك في ثقافة المجتمع ونظرته إلى المرأة خاصة في غياب النظرة العلمية التي تحد من حرية المرأة وتعطل من قدرتها على العطاء وإطلاق طاقاتها وقدراتها للمشاركة في عملية التنمية.
إن عملية التنمية توفر للمرأة والرجل على حد السواء فرص التعليم والتدريب وتوفير الصحة النفسية، وتزودهم بالمهارات اللأزمة للعمل، وتحافظ على حقوق المرأة في المساواة في الفرص وتحريرها ثقافيا وإقتصاديا مما يحررها من تسلط الرجل ويخلصها من الخوف ويمنحها مساحة كبيرة للإسهام بفكرها وقدراتها وطاقاتها في تنمية المجتمع بما يمنحها قوة دافعة لممارسة حريتها السياسية والإقتصادية والإجتماعية، دون قيود العادات والتقليد البالية بما يلبي إحتيجات المجتمع إنطلاقاً من أن الرجل والمرأة ليسوا في معركة أو سباق، بل كل منهما هو وسيلة وهدف لخطط التنمية التي يحققاها، ونتائج هذه الخطط تعود عليهما بالرفاه.
لقد كان المجتمع ينظر إلى المرأة التي تشكل نصف المجتمع نظرة دونية، وكثيرة هي الأمثال الشعبية التي تؤكد ذلك، وخلال القرن التاسع عشر وبروز النهضة العربية ونضالها السياسي والإجتماعي والإقتصادي والثقافي، والدعوة إلى التغيير التي أدت الى موجة من المناقشات حول إعادة تفسير بعض آيات القرآن الكريم بهدف الكشف عن التأويلات المتحيزة، وساعدت النهضة أيضاً في انخراط المرأة في الجمعيات المدنية التي تعنى بقضايا المرأة وحقوقها وإعادة ترتيب المجتمع وقبول الحضور النسائي الفاعل، ولقد أسهم الإعلام في ذلك بشكل كبير.
أما في البنية المجتمعية، فالنظام الأبوي القبلي يسودها، وهو يعطي المرأة أهمية ويحملها أمانة الشرف والكرامة للأسرة او القبيلة، والعلاقات داخل هذا المجتمع محكومة بسلطة الأب والأبناء الذكور على الزوجات والأخوات والبنات، ويتعدى ذلك لكل فتاة في القبيلة، فالأبناء من الذكور يشاركون في قرارات الأسرة في حين تحرم المرأة من ذلك، وهذه قمة التحكم بالمرأة مما أدى إلى التمييز بين الجنسين، وقد عملت قوانين الأحوال الشخصية على تجسيد هذا المفهوم، فالمرأة هي القاعدة الأساسية للأسرة التي تشكل نواة المجتمع وبالتالي فهي تعيد بناء نفس العلاقات المبنية على النظام الأبوي والفصل بين الجنسين والتمييز بينهما، ويلاحظ في بعض الدول العربية قوانين تهضم حق المرأة وتؤكد التمييز ضد المرأة. أما بالنسبة للدساتير فأنها تنص على حماية حقوق المرأة ولكنها معطلة لا يعمل بها إهمالاً مقصوداً ومراوغة قانونية أو إجتماعية، لأن بعض التشريعات تتناقض مع تشريعات أخرى فلا يتم تفعيلها. ولا يمكننا إغفال العادات والتقاليد الإجتماعية الموروثة التي تحرم خروج المرأة للعمل، فوظيفتها الأسرة فقط، غير أن تعليم المرأة دفعها لإقناع الرجل بالمردود المادي للأسرة مما سمح لها بالعمل ولكن في مجالات حددها كالتدريس أو الخياطة في المنزل أو وظائف بعيدة عن التعامل مع الرجال. إن التقاليد والعادات شلت حركة المرأة وتفكيرها وحجمت مشاركتها في عملية التنمية، ولايزال معدل مشاركة النساء العربيات في أسواق العمل الأكثر منخفضاً في العالم، وعزا تقرير التنمية هذا الإنخفاض إلى الممارسات التمييزية على المستوى الإقتصادي والإجتماعي ضد المرأة.
إن كثير من الشركات لا ترحب بتوظيف المرأة تخلصاً من حقها في تحديد ساعات العمل وإجازات الوضع، وهذا أدى إلى إرتفاع نسبة مشاركة المرأة في الأعمال الحكومية ولو بنسب قليلة، أما على صعيد الحقوق السياسية فقد تبوأت المرأة أخيراً البرلمان، ولكن حسب نظام الحصص، وشاركت كعضو تجميلي في الحكومة، أضف إلى ذلك أن المرأة عند خروجها للعمل لا تتوفر لها الخدمات كدور الحضانة ورعاية الأطفال، وهذا يتطلب تخطيطاً مسبقا وتسهيل الخدمات المنزلية بمشاركة الأسرة بما فيها الزوج.
إن موضوع إنخفاض مساهمة المرأة في التنمية البشرية يقودنا الى التساؤل حول ماهية العوائق التى أسهمت في إنخفاض المشاركة بالتنمية، والتي يمكن إيجازها بالاتي:
1. مساهمة المرأة بالتنمية تتاثر بحالتها التعليمية، فكلما إرتفعت كفاءتها العلمية كلما زادت محاولاتها للدخول إلى عملية التنمية، مما يعني أن زيادة فسح المجال التعليمي للمرأة يسهم في إندفاعها للتنمية.
2. إن المرأة أقل اقداماً على العمل في المجتمع الذي لا تتوفر فيه دور حضانة وخدمات رعاية الأمومة والطفولة.
3. نشر الوعي المجتمعي بإن الحياة الزوجية أساسها المشاركة مما يعني أنه على كافة أفراد الأسرة التعاون مع المرأة في الأعمال المنزلية ورعاية الأطفال بمن فيهم الزوج.
4. تفعيل قواينن العمل وتطبيقها كتحديد ساعات العمل، ومساواتها بالتدريب والتأهيل وفرص الترقي الوظيفي.
5. حشد الطاقات الوطنية ومساعدتها على تخطي عقبات العادات والتقاليد وإجتياز القيم البالية.
6. دعوة الإعلام بكافة ميادينه لتبني إسناد المرأة بما يرفع من معنوياتها وفضح إستغلالها المادي والمعنوي، والإشارة إلى نجحاتها بما يمنحها الثقة بالنفس ويطلق أفكارها وقدراتها لتوظيفها في خدمة المجتمع عن طريق التنمية.
7. إن عدم مساهمة المرأة في التنمية قد يكون سببه عدم وجود مردود مادي يسهم في إستقلايتها نظراً لتسلط الرجل على مردودها المادي.
8. تدعيم دور المرأة لقيادة البرامج الإجتماعية من خلال منظمات المجتمع المدني.
9. دعم البحوث والدراسات إلى تتناول موضوع المرأة.
10. دعم شبكات الأمان الإجتماعي لحماية محدودي الدخل، أو التأمين ضد البطالة والضمان الإجتماعي.
علاقة التنمية بالأمن النفسي للمرأة:
إن إقبال المرأة على سوق العمل فرضتها ظروف التعليم والحاجة النسبية لها، والأصوات الوطنية التي تنادي بتحرير المرأة، إضافة إلى الضغوط الخارجية السياسية والإقتصادية التي فرضتها المتغيرات العالمية، والمحصلة من ذلك تنامي الإتجاه الإيجابي نحو المرأة بوصفها إنسانة لها شخصيتها ولها دور وموقف في الحياة المجتمعية، وهي من خلال إحساسها ومشاعرها النفسية ستربي الأبناء وتؤثر فيهم سلباً أم ايجاباً، وهؤلاء الأبناء هم بناة الأوطان وهم الذين سيكونون رجال المستقبل، إذن الأمانة الكبرى حافظت المرأة عليها بين جناحيها ووفت بها، وإن الجيل الجديد سوف يحمل مشاعر الأم سواء كانت خوف وإنطواء أو قلق وإكتئاب، والعكس قوة وجراءة وعزم وقدرة على مواصلة الكفاح. ويجب أن لاننسى أن المرأة أم الأطفال وهي ستعكس إتجاهاتها النفسية في نفوس أطفالها بحكم إرتباطها النفسي بهم، مما يتوجب الإهتمام بالمرأة التى تنشي أجيال قوية أو ضعيفة للمجتمع حسب نوع الأم ونفسيتها، مما يعني إنها مؤثر كثير بسلامة أفراد المجتمع صحياً ونفسياً، ولها تأثير فاعل في التنمية المجتمعية. إن عمل المرأة يسهم في تجاوزها لحاجز الخوف والتردد خاصة فيما يتعلق بوضعها الإجتماعي، فالعمل يرفع مستوى وعيها الذاتي ووعيها المجتمعي ويوظيف قدراتها. إن المراة المتعلمة لها قدر غير قليل من المعرفة والثقافة والخبرات والمهارات الفنية والحرفية والابتكارت والابداعات، فمشاركة المرأة في عملية التنمية ودخولها سوق العمل أدت إلى نضوج شخصيتها وإعتزازها بنفسها وتقدير ذاتها وبلورت إمكانياتها، ومنحتها أمناً نفساً وقوى عزيمتها، كما إن إستقلالها المادي أدى إلى تحسن مستواها المعيشي والصحي، فأمنت من العوز وضمنت التحسن الصحي. إن تأثير العمل على المرأة كان إيجابي لأنه أكسبها خبرة وتجربة وحررها من الخوف وزاد من ثقتها بنفسها وأدى ذلك إلى إطلاق قدراتها. إن المحيط الإجتماعي للمرأة تتقاذفه عدد من الصراعات ويعرضها إلى الكثير من الضغوط النفسية التي تؤثر بها ثقافياً وإجتماعياً وإقتصادياً، فالواقع الإجتماعي يكبلها بقيود العادات والتقاليد التي تحول بينها وبين طموحاتها ومساهماتها الفكرية والعملية، وبين تنمية قدراتها ومهاراتها ومن ثم مشاركاتها بالتنمية. إن وضعها الإجتماعي والقانوني والثقافي خلق منها شخصية متكاملة متميزة قادرة على مواجهة التحديات والتعامل معها، فالعمل زاد من أمنها وتقديرها لذاتها، وعزز إمكاناتها وقدراتها على المشاركة في عملية التنمية وإحداث التغيير وعلى تنظيم قدراتها وإعلاء مكانتها وتغيير إدراكها لنفسها، وجعلها قادرة على الدفاع عن مصالحها ومنحها التعقل وحسن إدارة الأزمات والمشاركة في إتخاذ القرارات.
ومن هنا يمكننا إيجاز علاقة التنمية بالأمن النفسي للمرأة في:
1. عملية التنمية جعلت المرأة تشعر إنها إنسانة لها مشاعر وإحساس، ولها حقوق يجب أن تدافع عنها لتأمن حياتها إقتصادياً وإجتماعياً.
2. إنها إم الأطفال وهي ستعكس إتجاهاتها النفسية في نفوس أطفالها بحكم إرتباطها النفسي بهم، مما يتوجب دعمها نفسياً وصحياً.
3. إن عمل المرأة يسهم في تجاوزها لحاجز الخوف والتردد، خاصة فيما يتعلق بوضعها الإجتماعي، فالعمل يرفع مستوى وعيها الذاتي ووعيها المجتمعي.
4. إنها مؤثر كبير بسلامة أفراد المجتمع صحياً ونفسياً، ولها تأثير فاعل في التنمية المجتمعية.
5. أمنت من العوز المادي والصحي، بما غرس فيها روح المثابرة على العمل والإبدع والإبتكار.
6. نضوج شخصيتها وإعتزازها بنفسها وتقدير ذاتها وبلورة إمكانياتها منحتها أمناً نفسياً وإجتماعياً قوى عزيمتها.
7. إن المحيط الإجتماعي للمراة تتقاذفه عدد من الصراعات ويعرضها إلى الكثير من الضغوط النفسية التي تؤثر بها ثقافياً وإجتماعياً.
8. العمل جعلها متميزة قادرة على مواجهة التحديات والتعامل معها، فالعمل زاد من أمنها وتقديرها لذاتها وإمكاناتها وقدراتها على المشاركة في عملية التنمية وإحداث التغيير، وعلى تنظيم قدراتها وإعلاء مكانتها وتغيير إدراكها لنفسها، وجعلها قادرة على الدفاع عن مصالحها، ومنحها التعقل وحسن إدارة الازمات والمشاركة في إتخاذ القرارات.
المراجع
1. بوابة المرأة: تمكين المراة الخليجية بين تحديات مجتمعية ورؤى مستقبلية.
2. تقرير التنمية البشرية العربي لعام 2005 حول اوضاع المراة العربية.
3. حسين معلوم: مركز ابن رشد للتنمية، المراة العربية بين المرونة والتكيف او الانزواء في عالم التاريخ: االمركز العربي للمصادر والمعلومات.
4. عبد الكريم سلام: تحسن طفيف لمؤشرات المرأة العربية في التنمية، أخبار الوطن العربي: المركز العربي للمصادر والمعلومات حول العنف ضد المرأة، في 23-2-2007م.
5. عليان القلقيلي: المرأة ودورها في التنمية الإجتماعية، مركز السلام والتنمية للإبحاث والدراسات.
6. كلمة الأمين العام لجامعة الدول العربية في مؤتمر بروكسل: دور المرأة كمحرك للتنمية الإقتصادية في العالم العربي، في الفترة 7-8/4/2005م .
7. كريم أبو حلاوة: أهمية المنظات الأهلية العربية في التنمية، مجلة النبا العدد 71، 2009م.
8. محمد أدم: مساهمة المرأة في التنمية الإقتصادية على ضوء المعطيات الإحصائية للتخطيط، مجلة النبا، العدد ،64، 2011 م.
9. مهدي الحافظ: التنمية البشرية تطور المفهوم ودلالاته، مجلة العربي، العدد 519، 2008 م، ص 31.
10. مركز حواء: إشكالية المرأة الخليجية بين مطالب الدخل وضغوط الخارج (موقع الكتروني).
11. مركز عفت الهندي للإرشاد الإلكتروني: الدوحة -الرآية – معدل مشاركة النساء العربيات في أسواق العمل الأكثر إنخفاضا في العالم (موقع الكتروني).
12. نوره المساعد: الحركات النسائية وتمكين المرأة في الدول العربية، مركز دراسات أمان، المركز العربي للمصادر والمعلومات حول العنف ضد المرأة، في 1-12-2006م.
مساهمة المرأة العربية في التنمية وعلاقة ذلك بأمنها النفسي في ظل المتغيرات العالمية
د. كريمة علي التكالي
الجامعة الليبية/ تاجوراء
المقدمة:
عانت المرأة العربية على مدى العصور الماضية الكثير من الإهمال سواء في ميدان الصحة او التعليم او الحقوق الاجتماعية والسياسية، غير أنه في عام 1995 حظى موضوع المرآة في مؤتمر بيجين (بكين كما في بعض الدراسات) بالإهتمام الدولي والإقليمي ثم المحلي، مما دفع بالكثير من الدارسين والباحثين والإعلامين بالإهتمام بالبحوث الميدانية التي تتناول المرأة في ظل المتغيرات العالمية الجديدة، فنحن نعيش عصر الحرية الإقتصادية والأسواق المفتوحة، وعصر القوانين الجديدة للتجارة وإنطلاق الشركات الكبرى والتوجه إلى هيمنة إقتصادية غير مسبوقة من تلك الإقتصاديات الكبرى على تلك الأقل منها قوة وإنتشارا، فالمتغيرات مثل:
1. إيجاد شرق أوسط جديد كبرنامج مبادرة الشراكة مع الشرق الأوسط الذي تم تطويره بهدف التنسيق لتحولات في العالم العربي. هذا البرنامج ربط بين الإصلاح الإجتماعي والإصلاح السياسي ويضع حقوق المرأة على قائمة أولوياته، وركز على الجانب الثقافي ومحاولة زرع قيم وأفكار جديدة كالديمقراطية وتوسيع القاعدة السياسية ودمج المرأة العربية في عملية البناء والتنمية.
2. التحولات السياسية والاقتصادية: كالأزمات الإقتصادية، وإرتفاع معدلات الفقر، والتطور السريع في الإتصالات والمعلومات والمرئيات والتعليم مما أثر في الأسرة العربية.
3. إحداث الحادي عشر من سبتمبر وظهور مفهوم الإرهاب، وتعرض الدول العربية والإسلامية الى الكثير من النقد والضغط السياسي والاجتماعي على إعتبار هذه الدول ترعى الإرهاب بشكل كبير.
هذه المتغيرات العالمية شكّلت ضغوطا خانقة على الحكومات العربية مما إضطرها الى العمل على إضافة فقرات في دساتيرها تنص على المساواة في فرص التعليم والصحة وفرص العمل ومنحت بعض الدساتير النساء حقوقا سياسية وفي الحياة العامة، وصدرت عدة قوانين وتشريعات كقانون العمل، والإنتخاب، وتشكيل الوزارات التي تهتم بشؤون المرأة [1]، والفاعل الرئيسي هي الضغوط الخارجية التي كانت لصالح المرأة، حيث طرحت مفهوم يجعل المرأة عنصرا أساسيا في الثروة البشرية لكونها تشكل نصف المجتمع لذا يتوجب دعمها وتنظيم قدراتها واعلاء شأنها والعمل على تغيير نظرتها لنفسها على نحو يجعلها قادرة على الدفاع عن مصلحها، وعلى عدم إستغلالها بمختلف الأشكال والصور. إن مفهوم التنمية البشرية يشير الى أنها عملية توسيع خيارات الناس، والمقصود بالخيارات هو الفرص المنتقاة في ميادين أساسية للحياة الإنسانية [2].
غير أن التنمية البشرية هي عملية مستدامة "تدعو إلى تمكين جميع الافراد من توسيع قدراتهم البشرية الى اقصى حد ممكن فهي تنمية متوالية للناس، وموالية للطبيعة، فهي تعطي أعلى أولوية للحد من الفقر وللعمالة المنتجة وللتكامل الاجتماعي[3]، وهي تعترف أيضا بعدم إمكانية تحقيق الكثير بدون حدوث تحسن كبير في وضع المرأة وفتح جميع الفرص أمامها.
لقد أظهرت تقارير التنمية البشرية العربية عن نهوض المرأة في الوطن العربي الإصدار الخامس من سلسلة إصدارات يدعمها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في نطاق تقارير التنمية البشرية، ويبدأ التقرير برصد إتجاهات التنمية في المنطقة العربية خلال الفترة التي مضت منذ صدور التقرير الرابع وبالنسبة للتقارير السابقة. فلقد حدد التقرير الأول الصادر عام 2005م ثلاثة أوجة للقصور الأساسية في إكتساب المعرفة والحريات السياسية وحقوق المرأة التي أعاقت مسيرة التنمية الإنسانية في أرجاء المنطقة العربية، على الرغم مما تتمتع به من ثروات طبيعية وإمكانات عاليه لتحقيق التقدم الإقتصادي والإجتماعي، وقد ركز التقرير الثاني والثالث على مواطن القصور في مجالي المعرفة والحرية، اما تقرير 2008م فقد رسم الخطوط العريضة للمفاهيم والقضايا التي تحدد حقوق الإنسان والتنمية الإنسانية للنهوض بالمرأة في البلدان العربية.
ولما كان موضوع هذه الورقة البحثية هو المرأة العربية والتنمية البشرية وعلاقة ذلك بأمنها النفسي في ظل المتغيرات العالمية، فقد تم تحديد أهداف الورقة بما يلي:
1. تقديم شرح و تحليل للواقع الإجتماعي للمرأة العربية.
2. تحليل العوائق التي أسهمت في إنخفاض مساهمة المرأة في التنمية.
3. التعرف على علاقة التنمية بالأمن النفسي للمرأة.
وهذه التحليلات وعلاقة التنمية بالأمن النفسي للمرأة أثارت عدد من التساؤلات التي يمكن طرحها كالأتي:
أ. ما هي العوامل التي حددت أو أثرت في واقع المرأة العربية الإجتماعي الحالي.
ب . ما هي العوائق التي أسهمت في إنخفاض مساهمة المرأة العربية في التنمية.
ج . ما علاقة التنمية بالأمن النفسي للمرأة العربية.
لقد أعتمدت ورقة العمل هذه المنهج الوصفي الذي يسعى إلى تقديم صورة تحليلية وصفية للواقع الإجتماعي الحالي للمرأة العربية والدور الذي تلعبه العوامل الإجتماعية في تحديد ووصف العوائق التي تحد من مشاركة المرأة العربية في التنمية، ثم يوضح فيما إذا كانت هناك علاقة بين التنمية والأمن النفسي للمرأة العربية.
الواقع الإجتماعي للمرأة العربية:
تسعى الحكومات الوطنية المخلصة لشعوبها إلى بناء مجتمعاتها علميا لينعكس ذلك في كافة مجالات الحياة الإقتصادية والإجتماعية والسياسية، كما تهتم بعملية التنمية "كعملية متكاملة تهدف إلى الإرتقاء بالعنصر البشري دون تمييز بين فئاته"[4]، وهذا يحتاج إلى تخطيط فعال في كافة مناشط الحياة، غير أن الإفتقار الى المعلومات الإحصائية الأساسية قليلة لا ترسم لنا صورة عن واقع المرأة العربية وإحتياجاتها وإمكاناتها بما يمكننا من وضع تخطيط يمكنه دفع عجلات التنمية، والإستفادة من كافة الموارد البشرية التي يمكن تسخيرها لخدمة المجتمع.
إن الإعتماد على قوى الرجل وتهميش دور المرأة جعلها سلبية ومتخلفة ثقاقيا وإجتماعيا وإقتصاديا وسياسيا، مما أدى إلى تعطيل نصف القوى البشرية التى كان بإمكانها أن تتحرر من التبعية للرجل وشق طريقها بكل عزم وثبات في كل مجالات التنمية، وهذا أدى الى خسارة عدد كبير من القدرات والمهارات الفنية والحرفية للمرأة والتى كان يمكن توظيفها للتنمية وبالتالي لخدمة المجتمع.
ان واقع المراة الحالي هو نتاج لعصور مضت، فلقد كانت المراة ولا تزال عنصر تنموي بارع يتوارى وراء الرجل (الزوج .الاخ.....)، ومع كل المتغيرات واصلت المراة العطاء والبناء الاسري وتحملت الهموم والمسؤوليات العظام، ومع مرور الوقت وتقدم التعليم حاولت ان تفتح مجالات للمشاركة في التنمية، إلا أنها كانت تواجة العديد من العوائق التي تحول بينها وبين إقدامها على التنمية وبشكل قد يكون مخطط له علميا وفعالا، لأسباب عديدة منها:
1. إتاحة فرص التعليم: يشير تقرير التنمية البشرية العربية لأوضاع المرأة العربية لعام 2010م إلى أن معدلات الأمية لدى الإناث لاتزال مرتفعة (اذ بلغ معدل الأمية للإناث النصف مقارنة بالثلث فقط للذكور)، وعرفت اليونسكو المرأة الأمية "بانها المراأة التي لاتعرف القراءة والكتابة"، في حين تشير البيانات المتاحة إلى أن البنات في المنطقة العربية أفضل من البنين في التعليم المدرسي، ويؤكد التقرير على أهمية زج المرأة في عملية التنمية في البلدان العربية، ولو فعلت ستجني مكاسب هائلة من تحقيق المساواة بين الإناث والذكور في فرص إكتساب المعرفة وتوظيفها في عملية التنمية لغرض النهوض المجتمع[5].
2. تباطؤ النمو الإقتصادي: رغم حصول توسع في مشاركة المرأة في النشاط الإقتصادي خلال عامي 1995-2003م، إلا ان التباطؤ الاقتصادي في المنطقة العربية فرض قلة الطلب على العمالة النسائية، وحتى إذا كان هناك طلب فيفضل الرجل، لأن بعض المؤسسات لاترغب بتوظيف المرأة لكثرة إجازاتها للإنجاب، وفي حال اللإشتغال لاتتمتع المرأة بفرص متساوية مع الرجل في التدريب والترقي الوظيفي حتى تصل لقمة سلم إتخاذ القرار، ويدخل تحت باب الإقتصاد أيضاً ان مساهمة المرأة في التنمية الإقتصادية والإجتماعية سيؤدي الى إزدياد الدخل الوطني وتراكم رأس المال مما يساعد على النهوض بالتنمية، فدخول المرأة لسوق العمل بجعلها تتحول من عنصر مستهلك لا إلى عنصر منتج، مما يعني زيادة نسبة رأس المال لأغراض البناء على حساب المستهلك من الدخل القومي، هذا فضلا عن أن المرأة نفسها تعاني من الفقر وضعف الدخل إذ يتسرب دخلها إما لإعالة الأسرة أو سيادة الرجل على مواردها المالية كما في بعض المجتمعات الشعبية أو الريفية، ومن هنا يتوجب على المسؤولين وضع خطط فعالة لزج المرأة في عملية التنمية.
3. الصحة: تعاني المرأة من عدم الإهتمام بصحتها وخاصة مع نقص العناية بالأم والطفل في أغلب المجتمعات العربية، فهي تعاني من مخاطر المرض والوفاة المتصلة بوظائف الحمل والإنجاب مما يوحي بأن هذا الفاقد النسبي يعود إالى أنماط حياة عامة تتسم بالتمييز ضد النساء (تقرير التنمية البشرية العربي، 2005)، فتوقعات الحياة للإناث كانت مرتفعة في الكويت إذ بلغت 2.75%، والإمارات 6.75%، والبحرين 6.73%، ومتوسطة في الأردن 5.67%، ولبنان 3.67%، والعراق 8.62%، والمغرب 8.66%، ومنخفضة في جيبوتي 4.5%، والسودان 7.45%، واليمن 5.8%، وهذا يعني إن مجالي التعليم والصحة يستدعيان زيادة الإنفاق عليهما[6].
4. العنف ضد المرأة: إن معاناة المرأة والمساس بكرامتها تشير له التقارير الإعلامية الإخبارية بالإضافة إلى تقرير التنمية البشرية لعام 2005، والذي جاء بها "بالنسبة لتفاقم إنتهاكات حقوق الانسان في البلدان العربية فالنساء نالت نصيباً مزدوجاً من الإنتهاكات الأجنبية في ظل أوضاع إنسانية مزرية مع إنتشار الفوضى وجرائم الإغتصاب والإنتقاص من كرامتها وتضييق حريتها الشخصية، والمشقة بسبب غياب العائلين عن أسرهم خلال النزاع والإعتقال لفترات طويلة، وتماشيا مع الإتجاهات العالمية كُرست حكومات عربية بذريعة مكافحة الإرهاب وقوانين الطوارئ". إن الخطوة الأساسية لمناهضة العنف في العالم العربي هو فضحه ومحاربة إخفائه والتستر عليه سواء حصل في موقف خاص أو عام.
5. القوانين والمرأة: بالنسبة لمسالة القوانين والتشريعات التي من المفترض أن تكون محصلة واقع إجتماعي وما يسوده من علاقات مجتمعية وإنتاجية يظل حدوث تطور اجتماعي شرطاً لابد منه لسن التشريعات والقوانين، ومن المفارقات أن هناك مجتمعات قد حققت تطوراً نسبياً على هذا الصعيد، ورغم ذلك ظلت القوانين المعمول بها لا ترقى لمستوى التطور المجتمعي، على الرغم من أن قوانين العمل لا تميز ضد النساء، إلا إن قوانين ولوائح الأسرة مثل أجازة الوضع وحدود ساعات العمل كثيرا ما تمنع أصحاب العمل من توظيف النساء، ويقترح تقرير التنمية الإجتماعية للمرأة لعام 2005م، سلسلة من الإصلاحات القانونية من القوانين الوطنية والإتفاقات العالمية مثل (سيداو)، وإتفاقيات العمل الدولية والمناداة بفرض الإجراءات الكفيلة بحماية الحقوق المدنية والشخصية لجميع النساء بمن فيهن المغتربات في البلاد العربية[7]، فإذا أردنا تمكين المرأة موضع التنقيذ لايمكن أن يتم ذلك دون جهد منظم ومستمر للمنظمات النسائية والشعبية وغيرها من الهيئات ذات التوجة المؤيد لعملية زج المرأة بعملية التنمية، لذلك لايجب التركيز على تغيير التشريعات ولكن أيضا على التعبئة السياسية والتوعية بالقضايا المطروحه، حيث يبدأ التغيير من القاعدة العريضة من النساء التي تعي مشكلاتها وجوانب الضعف في حياتها، ثم تصعيد القضية إلى أعلى[8]، كما أكد مؤتمر القمة المنعقد في الجزائر على أهمية تمكين المرأة من لعب دور بارز في كافة مجالات الحياة العامة، وعلى ضرورة إطلاق مبادرات وإستراتيجيات وخطط عمل تهدف إلى تحقيق المساواة وتعزيز الوعي بالمبادئ والقيم العربية الإسلامية التي تكفل حقوق المرأة ودورها في المجتمع وسن التشريعات اللازمة لحمايتها، ورفض كل أشكال التمييز ضدها والعمل على ضمان مشاركتها في صنع القرار على قدم المساواة مع الرجل في كافة الأنشطة الإجتماعية والسياسية[9].
6. دور المنظمات الأهلية العربية في التنمية: يشير مفهوم المنظمات الأهلية غير الحكومية والمعروفه (NGOs) إلى جملة المبادرات الإجتماعية الطوعية التي تنشط في مجالات مختلفة، مثل الخدمات الإجتماعية والمساعدات الخيرية وخدمات التعليم والتدريب المهني وتأهيل النساء وتنمية المجتمعات المحلية والدفاع عن حقوق الإنسان والطفل[10]، وتتميز هذه الجمعيات بالطوعية والإستقلالية وعدم السعي إلى الخدمة الشخصية للأعضاء، ثم المشاركة في الشأن العام، ولهذه الجمعيات خمسة أنواع من النشاط كالجمعيات الخيرية، ومنظمات الخدمة والرعاية الإجتماعية، ومنظمات التنمية، والمنظمات الدفاعية، ومنظمات ثقافية متنوعة. لقد أسهم إنخراط النساء بالجمعيات المدنية التي تعني بقضايا العمل الحقوقي والعمل السياسي في إعادة تدريب المجتمع على قبول الحضور النسائي الفاعل، ويلاحظ التقرير أن الحركة النسائية إستفادت من الأوساط الإعلامية ومهدت هذه الوسائل الإعلامية لإنتاج خطاب جديد في التحرر، فالرواية العربية تلقي الضوء على جوانب قمع النساء وعلى تسخيرهن كأدوات أدمية لهيمنة الذكور، مما ساعد على توعية الجمهور بقضايا المرأة والظلم الذي لحق بها جراء التقاليد أو القوانين الجائرة.
7. المجال السياسي: إن القضية الأساسية التي تتمثل في القضاء على الإستغلال ضد المرأة بكافة صوره وأشكاله لايمكن حلها إلا بمؤازرة كل من الرجل والمرأة على البناء والتنمية، فمن الصعوبة أن يتغير أي مجتمع من المجتمعات إلا أن يتم ذلك، فعلماء الإجتماع والباحثون يشيرون إلى أنه إذا ما أستمرت المرأة في تخلفها وضعفها فأن قضية التنمية في المجتمع سوف لم تحل. إن من حق المرأة والرجل على حد السواء التمتع بالحياة الكريمة مادياً ومعنوياً، فنهوض المرأة الذي يجمع بين الحقوق والتنمية يعتبر جزء من تمتع المجتمع بالحرية المدنية والسياسية، وكل من الرجل والمرأة هما نواة المجتمع وتحررهما من الجهل والمرض والخوف، ومن أشكال تحقيق الكرامة الإنسانية هو تحرر المجتمع بأكمله وليس نصفه أو جزء منه. إن الأجندة الدولية شهدت تغيرات جذرية منذ مطلع التسعينيات حيث تصاعدت أهمية بعض القضايا مثل حقوق الإنسان والمرأة والأقليات والتحول الديمقراطي، وأخذت المطالبة الدولية بالدعوة إلى تغيرات في مكانة المرأة والضغط على الدول العربية لدفعها إلى التدخل لتعزيز مكانة المرأة العربية ودعم المشاريع للمؤسسات النسائية. إن تمكين المرأة لا يهدد أي نظام سياسي بل هي تحول قضية كبرى إلى جملة مشروعات صغيرة يستطيع أى نظام ديمقراطي التعايش معها، وعلى الرغم إن هناك اتجاها عاما في المنطقة العربية نحو تمكين المرأة عن طريق سن القوانين ولكن العبرة تكمن في تطبيقها على أرض الواقع، فالمرأة العربية لم تشارك في العمل السياسي إلا مؤخراً، إذ حصلت على حق الإنتخاب والترشح وإعتمدت بعض الدول هذه الحقوق، والبعض من الدساتير أعتمدت نظام الحصص لتضمن وجود المرأة ضمن البرلمانات العربية للدفع بالمرأة لتتمكن المرأة من ممارسة حقوقها السياسية.
المرأة والأسرة: لقد مارست المرأة العربية على مدى العصور التاريخية أدوارًا عديدة من خلال نظم المجتمع الذي تعيش به، وأستطاعت أن تحقق توافق بين كل أدوارها الأسرية سواء داخل المنزل أوخارجه، وفي العصر الحديث تؤدي المرأة دورا فاعلا في عملية التنمية المجتمعية مما يساهم في تماسك الأسرة، كما أن العمل الخارجي يخدم المرأة ويجعلها أكثر تفهما لدورها كزوجة تشارك في القرارات الأسرية[11].
إن العمل له تأثير إيجابي في اتجاة المرأة نحو تنظيم الأسرة وذلك من أجل النهوض بالمستوى المعيشي وتوفير مستوى أفضل للأطفال، ومما يجب ملاحظته أن الأم تربي النشئ ومن خلال ذلك تطبعهم في كل همومها وإنكسارها وبؤسها وإحباطاتها ومشكلاتها وطموحها وذلك لإرتباطها العضوي بهم. إن إشتغال المرأة أكسبها الحكمة والتعقل بادإرة شؤون الأسرة، مما يعني أن للعمل دور إيجابي أسرياً ومعاشياً وتربوياً إنطلاقاً من أن (الأم مدرسة اذا أعددتها اعددت شعباً طيب الأعراق).
ومما سبق يمكن إن نستنتج ما يلي:
أ. يشير الواقع التعليمي للمرأة ان هناك تقدماً في تعليم المرأة، رغم أن الأمية لا تزال تنهش المجتمعات العربية والمرأة هي المتضررة الأكثر.
ب. لاتزال المرأة تعاني من مخاطر المرض والوفاة المتصلة بوظائف الحمل والولادة في أغلب المجتمعات، وهذ ما يتطلب زيادة الإنفاق على التعليم والصحة.
ت. أن هناك إرتفاع في نسب مخرجات التعليم الجامعي بين الإناث، وإنخفاض نسب المشاركة أو الإلتحاق بسوق العمل، مما يعني إن نسبة قوة العمل النسائية من مجموع الإناث في البلدان العربية لاتزال منخفضة.
ث. لاتزال المرأة تعاني من الفقر والتعرض للعنف.
ج. سياسياً حصلت بعض النساء على التمثيل البرلماني نصاً في الدساتير، ولكن لايزال هذا ضعيفا ولم تستفاد منه الغالبية من النساء فهو تجميلي للحكومات، وبعض الدساتير نصت على نظام الحصص.
ح. لعمل المرأة جانب إيجابي، كما إن المرأة لازالت تسجل نجاحاً في كل الأدوار التي تلعبها سواء في الأسرة او العمل.
تحليل العوائق التي تسهم في إنخفاض مساهمة المرأة في التنمية:
إن الوطن العربي بأمس الحاجة لتمكين ومساهمة المرأة في خطط عمليات التنمية وإدماجها في مشاريع التنمية مع إعتماد التعليم والتدريب والتأهيل، بما يتناسب وحاجة سوق العمل من جهة وطبيعتها البيولوجية والإجتماعية من جهة أخرى، والمرأة خلال مسيرتها عانت كثيراَ من تحديات مجتمعية واسعة شملت الجانب الإجتماعي والإقتصادي والسياسي والثقافي، وبالمقابل إن المتغيرات العالمية في بعض جوانبها كانت لصالح المرأة، إذ ساعد تمكينها من كسر كثير من حواجز العادات والتقاليد وإجتياز عدد من القيم البالية، وحشدت الطاقات الوطنية لتشجيع المرأة في الإندماج في التنمية البشرية، فالنموذج الجديد للتنمية يؤكد ضرورة إزالة كافة أشكال التمييز والإضطهاد ضد المرأة حتى تتمكن من توظيف قدراتها إلى أقصى حد ممكن في عملية التنمية، وهو نموذج التنمية المستدامة الذي يمنح المرأة قدراً من الثقة بقدراتها على التعامل مع المتغيرات العالمية وعناصرها (العولمة ، وثورة الإتصالات...الخ)، مما ساعدها على تخطي منظومة القيم الإجتماعية والأنماط السلوكية التي ظلت زمناً ليس بالقليل مكبلة بها من قبل المجتمعات العربية. إن التنمية البشرية المستدامة في كل محاورها وعناصرها تشكل تحدياً إجتماعياً للمرأة، ولكن قد تتمكن المرأة من إجتيازها والتغلب عليها إذا حشدت طاقات التعليم والتدريب والتأهيل والتشجيع مما يكسبها الخبرة والتجربة وفق خطط علمية مدروسة تقحم المرأة في عملية التنمية.
لقد ساهمت الحركات النسائية والجمعيات النسائية في إظهار دور المرأة في الحركات الشعبية والكفاح الوطني والمطالبة بزيادة نفوذ المرأة عن طريق دعمها وتنمية قدراتها الذاتية، مما يمكنها من الدفاع عن نفسها وتحديد إختياراتها ويجعلها عضو مؤثراً في إتجاهات التغيير في المجتمع، فالسياق المجتمعي لحال المرأة والعوائق التي تحد من مشاركتها في التنمية يحدده:
1. الموروث الثقافي: لقد تبلورت قناعة راسخة حول حيوية دور المرأة في مواجهة تحديات التنمية على كافة المستويات، وفي كافة المؤتمرات الوطنية والإقليمية والدولية، والتي إنبثق عنها ما يجب على المجتمع الدولي وعلى الحكومات أن تقوم به في سبيل إزا لة العوائق التي تحد من مشاركة المرأة في عملية التنمية، وذلك إيماناً بأن تحقيق الإصلاح الشامل للمجتمعات رهين بإسهامات المرأة فيه في شتى مجالات التنمية، ليس فقط بإعتبارها الشريك الأصيل في النظام الإجتماعي والإقتصادي ونصف القوة البشرية المؤثرة في بناءه، ولكن لأنها أيضاً مسئولة عن النصف الأخر.
وإقتناعا بذلك كله فقد أولت جامعة الدول العربية منذ عام 1971 من خلال إنشاء لجنة المرأة العربية، وإدارة المرأة بالأمانة العامة لتقوم بالتنسيق بين الجهات المعنية بشؤون المرأة في الدول العربية من خلال وضع الإسترتجيات وخطط العمل والبرامج التي تستهدف النهوض بأوضاع المرأة العربية وتعزيز مكانتها[12]، كما أن مفهوم التنمية المجتمعية يهدف إلى إستغلال الموارد البشرية والمادية لتوفير الصحة والغذاء والثقافة والتعليم والعمل والحرية والعدالة لجميع أفراد المجتمع، ولكن إين المرأة من هذا المفهوم؟، والحقيقة الملموسة إن المرأة حقوقها منقوصة في كل ذلك إنطلاقاً من عوائق وعراقيل تعترض مسيرتها رغم أن التنمية لاتتحقق بدون مشاركة المرأة، إن أوجة القصور الأساسية حددها التقرير الأول الصادر عام 2002 م.
2. إكتساب المعرفة والحريات السياسية وحقوق المرأة التي أعاقت مسيرة التنمية الإنسانية في أرجاء المنطقة العربية على الرغم مما تتمتع به من ثروات طبيعية وإمكانات عالية لتحقيق التقدم الإقتصادي والإجتماعي، أما التقرير الثاني والثالث 2004م فحددا القصور في مجالي المعرفة والحرية.
3. إن السياق المجتمعي لحال المرأة هي إن أنماط السلوك الإجتماعي يسهم في تحديد مكانها في المجتمع، ويتركز ذلك في ثقافة المجتمع ونظرته إلى المرأة خاصة في غياب النظرة العلمية التي تحد من حرية المرأة وتعطل من قدرتها على العطاء وإطلاق طاقاتها وقدراتها للمشاركة في عملية التنمية.
إن عملية التنمية توفر للمرأة والرجل على حد السواء فرص التعليم والتدريب وتوفير الصحة النفسية، وتزودهم بالمهارات اللأزمة للعمل، وتحافظ على حقوق المرأة في المساواة في الفرص وتحريرها ثقافيا وإقتصاديا مما يحررها من تسلط الرجل ويخلصها من الخوف ويمنحها مساحة كبيرة للإسهام بفكرها وقدراتها وطاقاتها في تنمية المجتمع بما يمنحها قوة دافعة لممارسة حريتها السياسية والإقتصادية والإجتماعية، دون قيود العادات والتقليد البالية بما يلبي إحتيجات المجتمع إنطلاقاً من أن الرجل والمرأة ليسوا في معركة أو سباق، بل كل منهما هو وسيلة وهدف لخطط التنمية التي يحققاها، ونتائج هذه الخطط تعود عليهما بالرفاه.
لقد كان المجتمع ينظر إلى المرأة التي تشكل نصف المجتمع نظرة دونية، وكثيرة هي الأمثال الشعبية التي تؤكد ذلك، وخلال القرن التاسع عشر وبروز النهضة العربية ونضالها السياسي والإجتماعي والإقتصادي والثقافي، والدعوة إلى التغيير التي أدت الى موجة من المناقشات حول إعادة تفسير بعض آيات القرآن الكريم بهدف الكشف عن التأويلات المتحيزة[13]، وساعدت النهضة أيضاً في انخراط المرأة في الجمعيات المدنية التي تعنى بقضايا المرأة وحقوقها وإعادة ترتيب المجتمع وقبول الحضور النسائي الفاعل، ولقد أسهم الإعلام في ذلك بشكل كبير.
أما في البنية المجتمعية، فالنظام الأبوي القبلي يسودها، وهو يعطي المرأة أهمية ويحملها أمانة الشرف والكرامة للأسرة او القبيلة، والعلاقات داخل هذا المجتمع محكومة بسلطة الأب والأبناء الذكور على الزوجات والأخوات والبنات، ويتعدى ذلك لكل فتاة في القبيلة، فالأبناء من الذكور يشاركون في قرارات الأسرة في حين تحرم المرأة من ذلك، وهذه قمة التحكم بالمرأة مما أدى إلى التمييز بين الجنسين، وقد عملت قوانين الأحوال الشخصية على تجسيد هذا المفهوم، فالمرأة هي القاعدة الأساسية للأسرة التي تشكل نواة المجتمع وبالتالي فهي تعيد بناء نفس العلاقات المبنية على النظام الأبوي والفصل بين الجنسين والتمييز بينهما، ويلاحظ في بعض الدول العربية قوانين تهضم حق المرأة وتؤكد التمييز ضد المرأة. أما بالنسبة للدساتير فأنها تنص على حماية حقوق المرأة ولكنها معطلة لا يعمل بها إهمالاً مقصوداً ومراوغة قانونية أو إجتماعية، لأن بعض التشريعات تتناقض مع تشريعات أخرى فلا يتم تفعيلها. ولا يمكننا إغفال العادات والتقاليد الإجتماعية الموروثة التي تحرم خروج المرأة للعمل، فوظيفتها الأسرة فقط، غير أن تعليم المرأة دفعها لإقناع الرجل بالمردود المادي للأسرة مما سمح لها بالعمل ولكن في مجالات حددها كالتدريس أو الخياطة في المنزل أو وظائف بعيدة عن التعامل مع الرجال. إن التقاليد والعادات شلت حركة المرأة وتفكيرها وحجمت مشاركتها في عملية التنمية، ولايزال معدل مشاركة النساء العربيات في أسواق العمل الأكثر منخفضاً في العالم، وعزا تقرير التنمية هذا الإنخفاض إلى الممارسات التمييزية على المستوى الإقتصادي والإجتماعي ضد المرأة.
إن كثير من الشركات لا ترحب بتوظيف المرأة تخلصاً من حقها في تحديد ساعات العمل وإجازات الوضع، وهذا أدى إلى إرتفاع نسبة مشاركة المرأة في الأعمال الحكومية ولو بنسب قليلة، أما على صعيد الحقوق السياسية فقد تبوأت المرأة أخيراً البرلمان، ولكن حسب نظام الحصص، وشاركت كعضو تجميلي في الحكومة، أضف إلى ذلك أن المرأة عند خروجها للعمل لا تتوفر لها الخدمات كدور الحضانة ورعاية الأطفال، وهذا يتطلب تخطيطاً مسبقا وتسهيل الخدمات المنزلية بمشاركة الأسرة بما فيها الزوج.
إن موضوع إنخفاض مساهمة المرأة في التنمية البشرية يقودنا الى التساؤل حول ماهية العوائق التى أسهمت في إنخفاض المشاركة بالتنمية، والتي يمكن إيجازها بالاتي:
1. مساهمة المرأة بالتنمية تتاثر بحالتها التعليمية، فكلما إرتفعت كفاءتها العلمية كلما زادت محاولاتها للدخول إلى عملية التنمية، مما يعني أن زيادة فسح المجال التعليمي للمرأة يسهم في إندفاعها للتنمية.
2. إن المرأة أقل اقداماً على العمل في المجتمع الذي لا تتوفر فيه دور حضانة وخدمات رعاية الأمومة والطفولة.
3. نشر الوعي المجتمعي بإن الحياة الزوجية أساسها المشاركة مما يعني أنه على كافة أفراد الأسرة التعاون مع المرأة في الأعمال المنزلية ورعاية الأطفال بمن فيهم الزوج.
4. تفعيل قواينن العمل وتطبيقها كتحديد ساعات العمل، ومساواتها بالتدريب والتأهيل وفرص الترقي الوظيفي.
5. حشد الطاقات الوطنية ومساعدتها على تخطي عقبات العادات والتقاليد وإجتياز القيم البالية.
6. دعوة الإعلام بكافة ميادينه لتبني إسناد المرأة بما يرفع من معنوياتها وفضح إستغلالها المادي والمعنوي، والإشارة إلى نجحاتها بما يمنحها الثقة بالنفس ويطلق أفكارها وقدراتها لتوظيفها في خدمة المجتمع عن طريق التنمية.
7. إن عدم مساهمة المرأة في التنمية قد يكون سببه عدم وجود مردود مادي يسهم في إستقلايتها نظراً لتسلط الرجل على مردودها المادي.
8. تدعيم دور المرأة لقيادة البرامج الإجتماعية من خلال منظمات المجتمع المدني.
9. دعم البحوث والدراسات إلى تتناول موضوع المرأة.
10. دعم شبكات الأمان الإجتماعي لحماية محدودي الدخل، أو التأمين ضد البطالة والضمان الإجتماعي.
علاقة التنمية بالأمن النفسي للمرأة:
إن إقبال المرأة على سوق العمل فرضتها ظروف التعليم والحاجة النسبية لها، والأصوات الوطنية التي تنادي بتحرير المرأة، إضافة إلى الضغوط الخارجية السياسية والإقتصادية التي فرضتها المتغيرات العالمية، والمحصلة من ذلك تنامي الإتجاه الإيجابي نحو المرأة بوصفها إنسانة لها شخصيتها ولها دور وموقف في الحياة المجتمعية، وهي من خلال إحساسها ومشاعرها النفسية ستربي الأبناء وتؤثر فيهم سلباً أم ايجاباً، وهؤلاء الأبناء هم بناة الأوطان وهم الذين سيكونون رجال المستقبل، إذن الأمانة الكبرى حافظت المرأة عليها بين جناحيها ووفت بها، وإن الجيل الجديد سوف يحمل مشاعر الأم سواء كانت خوف وإنطواء أو قلق وإكتئاب، والعكس قوة وجراءة وعزم وقدرة على مواصلة الكفاح. ويجب أن لاننسى أن المرأة أم الأطفال وهي ستعكس إتجاهاتها النفسية في نفوس أطفالها بحكم إرتباطها النفسي بهم، مما يتوجب الإهتمام بالمرأة التى تنشي أجيال قوية أو ضعيفة للمجتمع حسب نوع الأم ونفسيتها، مما يعني إنها مؤثر كثير بسلامة أفراد المجتمع صحياً ونفسياً، ولها تأثير فاعل في التنمية المجتمعية. إن عمل المرأة يسهم في تجاوزها لحاجز الخوف والتردد خاصة فيما يتعلق بوضعها الإجتماعي، فالعمل يرفع مستوى وعيها الذاتي ووعيها المجتمعي ويوظيف قدراتها. إن المراة المتعلمة لها قدر غير قليل من المعرفة والثقافة والخبرات والمهارات الفنية والحرفية والابتكارت والابداعات، فمشاركة المرأة في عملية التنمية ودخولها سوق العمل أدت إلى نضوج شخصيتها وإعتزازها بنفسها وتقدير ذاتها وبلورت إمكانياتها، ومنحتها أمناً نفساً وقوى عزيمتها، كما إن إستقلالها المادي أدى إلى تحسن مستواها المعيشي والصحي، فأمنت من العوز وضمنت التحسن الصحي. إن تأثير العمل على المرأة كان إيجابي لأنه أكسبها خبرة وتجربة وحررها من الخوف وزاد من ثقتها بنفسها وأدى ذلك إلى إطلاق قدراتها. إن المحيط الإجتماعي للمرأة تتقاذفه عدد من الصراعات ويعرضها إلى الكثير من الضغوط النفسية التي تؤثر بها ثقافياً وإجتماعياً وإقتصادياً، فالواقع الإجتماعي يكبلها بقيود العادات والتقاليد التي تحول بينها وبين طموحاتها ومساهماتها الفكرية والعملية، وبين تنمية قدراتها ومهاراتها ومن ثم مشاركاتها بالتنمية. إن وضعها الإجتماعي والقانوني والثقافي خلق منها شخصية متكاملة متميزة قادرة على مواجهة التحديات والتعامل معها، فالعمل زاد من أمنها وتقديرها لذاتها، وعزز إمكاناتها وقدراتها على المشاركة في عملية التنمية وإحداث التغيير وعلى تنظيم قدراتها وإعلاء مكانتها وتغيير إدراكها لنفسها، وجعلها قادرة على الدفاع عن مصالحها ومنحها التعقل وحسن إدارة الأزمات والمشاركة في إتخاذ القرارات.
ومن هنا يمكننا إيجاز علاقة التنمية بالأمن النفسي للمرأة في:
1. عملية التنمية جعلت المرأة تشعر إنها إنسانة لها مشاعر وإحساس، ولها حقوق يجب أن تدافع عنها لتأمن حياتها إقتصادياً وإجتماعياً.
2. إنها إم الأطفال وهي ستعكس إتجاهاتها النفسية في نفوس أطفالها بحكم إرتباطها النفسي بهم، مما يتوجب دعمها نفسياً وصحياً.
3. إن عمل المرأة يسهم في تجاوزها لحاجز الخوف والتردد، خاصة فيما يتعلق بوضعها الإجتماعي، فالعمل يرفع مستوى وعيها الذاتي ووعيها المجتمعي.
4. إنها مؤثر كبير بسلامة أفراد المجتمع صحياً ونفسياً، ولها تأثير فاعل في التنمية المجتمعية.
5. أمنت من العوز المادي والصحي، بما غرس فيها روح المثابرة على العمل والإبدع والإبتكار.
6. نضوج شخصيتها وإعتزازها بنفسها وتقدير ذاتها وبلورة إمكانياتها منحتها أمناً نفسياً وإجتماعياً قوى عزيمتها.
7. إن المحيط الإجتماعي للمراة تتقاذفه عدد من الصراعات ويعرضها إلى الكثير من الضغوط النفسية التي تؤثر بها ثقافياً وإجتماعياً.
8. العمل جعلها متميزة قادرة على مواجهة التحديات والتعامل معها، فالعمل زاد من أمنها وتقديرها لذاتها وإمكاناتها وقدراتها على المشاركة في عملية التنمية وإحداث التغيير، وعلى تنظيم قدراتها وإعلاء مكانتها وتغيير إدراكها لنفسها، وجعلها قادرة على الدفاع عن مصالحها، ومنحها التعقل وحسن إدارة الازمات والمشاركة في إتخاذ القرارات.
المراجع
1. بوابة المرأة: تمكين المراة الخليجية بين تحديات مجتمعية ورؤى مستقبلية.
2. تقرير التنمية البشرية العربي لعام 2005 حول اوضاع المراة العربية.
3. حسين معلوم: مركز ابن رشد للتنمية، المراة العربية بين المرونة والتكيف او الانزواء في عالم التاريخ: االمركز العربي للمصادر والمعلومات.
4. عبد الكريم سلام: تحسن طفيف لمؤشرات المرأة العربية في التنمية، أخبار الوطن العربي: المركز العربي للمصادر والمعلومات حول العنف ضد المرأة، في 23-2-2007م.
5. عليان القلقيلي: المرأة ودورها في التنمية الإجتماعية، مركز السلام والتنمية للإبحاث والدراسات.
6. كلمة الأمين العام لجامعة الدول العربية في مؤتمر بروكسل: دور المرأة كمحرك للتنمية الإقتصادية في العالم العربي، في الفترة 7-8/4/2005م .
7. كريم أبو حلاوة: أهمية المنظات الأهلية العربية في التنمية، مجلة النبا العدد 71، 2009م.
8. محمد أدم: مساهمة المرأة في التنمية الإقتصادية على ضوء المعطيات الإحصائية للتخطيط، مجلة النبا، العدد ،64، 2011 م.
9. مهدي الحافظ: التنمية البشرية تطور المفهوم ودلالاته، مجلة العربي، العدد 519، 2008 م، ص 31.
10. مركز حواء: إشكالية المرأة الخليجية بين مطالب الدخل وضغوط الخارج (موقع الكتروني).
11. مركز عفت الهندي للإرشاد الإلكتروني: الدوحة -الرآية – معدل مشاركة النساء العربيات في أسواق العمل الأكثر إنخفاضا في العالم (موقع الكتروني).
12. نوره المساعد: الحركات النسائية وتمكين المرأة في الدول العربية، مركز دراسات أمان، المركز العربي للمصادر والمعلومات حول العنف ضد المرأة، في 1-12-2006م.
2. مهدي الحافظ: التنمية البشرية تطور المفهوم ودلالاته، مجلة العربي، عدد 519، 2008، ص 31 .
3. بوابة المرأة: تمكين المراة الخليجية بين تحديات مجتمعية ورؤى مستقبلية، مجلة العربي، 2009م، ص 18.
[4]. عبد الكريم سلام: تحسن طفيف لمؤشرات المرأة العربية في التنمية، أخبار الوطن العربي: المركز العربي للمصادر والمعلومات حول العنف ضد المرأة، 2007م.
[6] . محمد ادم: مساهمة المرأة في التنمية الاقتصادية على ضوء المعطيات الإحصائية للتخطيط ، مجلة النبا، العدد 64، 2011، ص62.
[7] . بوابة المرأة: تمكين المرأة الخليجية بين تحديات مجتمعية ورؤى مستقبلية، مجلة الوطن العربي.
[8] . كلمة الأمين العام لجامعة الدول العربية في مؤتمر بروكسل: دور المرأة كمحرك للتنمية الإقتصادية في العالم العربي في الفترة 7-8/4/2005.
9. ريم أبو حلاوة: أهمية المنظات الأهلية العربية في التنمية، مجلة النبا العدد 71 ، 2009م.
[10]. محمد أدم :مساهمة المرأة في التنمية الإقتصادية على ضوء المعطيات الإحصائية للتخطيط ، مجلة النبا، العدد 64 -2011، ص62.
[11]. عبد الكريم سلام :مصدر سابق.
[12]. عبد الكريم سلام: تحسن طفيف لمؤشرات المرإة العربية في التنمية، أخبار الوطن العربي: المركز العربي للمصادر والمعلومات حول العنف ضد المرأة، في 23-2-2007.
[13]. تقرير التنمية البشرية العربي لعام 2005م، أوضاع المرأة العربية.