شريط اخباري

. تــعلن إدارة مجلة الليبية عن بدء تجميع المادة العلمية لسنة 204 فعلى السادة أعضاء هيئة التدريس الراغبين في نشر أبحاثهم الاسراع بالتواصل مع إدارة المجلة وتجهيز نسختين إحداها ورقية والأخرى إلكترونية موعد استلام الورقات البحثية من الساعة 12- 4 كل يوم عدا الجمعة والسبت. ● تعلن الجامعة الليبية للعلوم الإنسانية والتطبيقية المعتمدة ( مؤسسي وبرامجي )عن فتح باب التسجيل والقبول لفصل الربيع 204 وذلك في التخصصات التالية إدارة الأعمال، محاسبة، حاسب آلي، تمويل ومصارف، قانون، هندسة النفط، فعلى الطلبة الراغبين في الإلتحاق بالدراسة في الجامعة الحضور للجامعة مصحوبين بالمستندات التالية، شهادة ثانوية وما يعادلها، 8 صور، شهادة صحية، شهادة ميلاد، العنوان عين زارة بجانب جامعة طرابلس قاطع ب وذلك من الساعة 9 صباحا حتى الساعة 6 مساءاً ولأي استفسار نامل الاتصال على الارقام التالية 0922108002 ● تهنئ الجامعة الليبية للعلوم الإنسانية والتطبيقية جميع أعضاء هيئة التدريس والطلاب والموظفين والعاملين بحصولها علي الاعتماد البرامجي لقسمي إدارة الأعمال والمحاسبة والحاسوب وذلك بحصول الأقسام العلمية على الإعتماد المؤسسي والبرامجي. ● تم بحمد الله وتوفيقه في الأيام الماضية التوقيع علي اتفاقية تعاون في اللغة الانجليزية بين الجامعة الليبية للعلوم الإنسانية والتطبيقية و معهد غلوبال تيسول الكندي (Global Tesol College ) حول الموضوعات الاتية:- 1- دورات تعليم اللغة الانجليزية لسبعة مستويات .2- شهادة التيسول الدولية International Tesol ertificate تأهيل الطلبة لامتحانات (IELTS and TOEFL) تأهيل ورفع كفاءة مدرسي اللغة الانجليزية وتخريج مدرسين لغة انجليزية جدد بالاضافة الي مجموعة اخري متنوعة من برامج اللغة الانجليزية وبعض التخصصات الاخري. ● 📱0925331414 ● تم بحمد الله عقد اتفاقية تعاون بين الجامعة الليبية والأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري وذلك في مجال، الدراسات العليا الني تمنحها الأكاديمية، مجال التدريب، مجال إيفاد الخبراء، الاستشارات والبحوث المشتركة

الفلسفة الاجتماعية لوظائف التنظيم الاجتماعي المدرسي

الفلسفة الاجتماعية لوظائف التنظيم الاجتماعي المدرسي
(قراءة سوسيولوجية)


د. محمد محسن
كلية الآداب/ الجامعة الاسمرية الاسلامية زليتن


مقدمة:
إن الفلسفة الاجتماعية لوظائف التنظيم الاجتماعي المدرسي، هي تكوين السلوك السائد للأفراد للقيام بالوظائف الاجتماعية الأساسية، وتشمل هذه الوظائف مولد الطفل، تطبيع وتدريب الأفراد، كسب العيش، السيطرة الاجتماعية على أفراد الجماعة، والعلاقة بين الفرد وبقية أفراد الجماعة...الخ، كما يكون لها مفهوم وتكوين ومعنى أو اتجاه أو مبدأ اهتمام يكون الأساس الذي تقوم عليه المؤسسة الاجتماعية، وهذا المفهوم سنجده في جميع المجتمعات لكن بأشكال مختلفة، أما التكوين في هذا الإطار الذي يضم عدداً من الوظائف التي تتعاون وتتساند بطرق وأوقات معينة().
والمفهوم والتكوين في المؤسسة الاجتماعية جزئين من كل وظيفي متكامل لايمكن أن نفصل أحدهما عن الآخر، والمفاهيم الخاصة بالمؤسسات الاجتماعية الأساسية تتضمن أهداف وأغراض الحياة الاجتماعية نفسها، أما تكوينها فيتضمن الأشكال المختلفة التي يمكن أن يتخذها المفهوم في المجتمعات المختلفة.
وتنطوي المؤسسات الاجتماعية على التنظيمات في أنماط المفاهيم والسلوك التي تعبر عنها الجماعة في نشاطات أفرادها اليومية، وهذا يعني أنها تشتمل على العادات والتقاليد والأنماط السلوكية العامة، وتتميز جميع المؤسسات الاجتماعية بدرجة معينة من الدوام والاستمرار، فالنظم الخاصة بالمعتقدات وطرق العمل لا تنتظم في مؤسسات اجتماعية إلا بعد أن تكون قد أصبحت مقبولة بصفة عامة لفترة معينة من الزمن، وقد تستمر المؤسسة الاجتماعية لقرون عدة، وبقاؤها هذا يكون السبب في جمودها.
والمدرسة مؤسسة اجتماعية أنشأها المجتمع لتلبية حاجاته المتعلقة بتطبيع الأفراد تطبعاً اجتماعياً يجعل منهم أعضاء صالحين في المجتمع، ولما كان فهم المدرسة كمؤسسة اجتماعية يتوقف على فهمنا للمؤسسات الاجتماعية وطبيعتها ووظيفتها، لذلك فإننا سنتناول في هذه الدراسة المدرسة باعتبارها تنظيم اجتماعي يتضمن أنماطاً في المفاهيم والسلوك التي تعبر عنها الجماعة خلال النشاط الاجتماعي لأفرادها.
الإطار العام ومنهجية الدراسة:
تعمل المؤسسات الاجتماعية في أي مجتمع على تحقيق مجموعة أهداف في المجتمع وقيامها بهذا الدور يجعلها تمارس وظيفتها الاجتماعية أي القيام بدورها في النظام الثقافي والاجتماعي السائد في المجتمع، والمدرسة كمؤسسة اجتماعية أساسية تتأثر بالعوامل المتجددة في الحياة الانسانية لاسيما مجتمعها التي تولد فيه، وتخضع للدوافع والمواقف السائدة فيه، وتتميز المؤسسة التعليمية(المدرسة) كما في بقية التنظيمات بديناميكية متفاعلة تحدث فيها تغيرات حسب ظروف وتطورات المجتمع حتى يتلاءم بنائها وكيانها مع وظيفتها المتطورة. تهتم المدرسة كمؤسسة اجتماعية بتزويد الطلاب بالمهارات والخبرات التي تسمح لهم بالتفاعل الإيجابي المنتج في بيئتهم التي يعيشون فيها، والمدرسة تعتبر حلقة وسط بين مرحلة الطفولة المبكرة ومرحلة اكتمال النمو، وهكذا تلعب المدرسة دوراً مهماً في التغيير النفسي والاجتماعي والتربوي للفرد والوصول به إلى درجات النمو العقلي حتى يتسنى له استغلال موارد البيئة وتحقيق التوازن المطلوب، فالفرد بحاجة لأن يدرك القوى والإمكانيات المتوفرة في بيئته ويستغلها حتى يتمكن من العيش والتكيف الاجتماعي في المجتمع .
وننطلق من مفهوم المؤسسة الاجتماعية وهي جميع التنظيمات الاجتماعية التي تنظم علاقة الأفراد بعضهم ببعض بهدف تحقيق الحياة الاجتماعية الأفضل()، بحيث يتضمن هذا المفهوم كل التنظيمات الاجتماعية المختلفة التي أقامتها الجماعة من أجل تحقيق حياة اجتماعية أفضل لأفرادها.
فالمؤسسات الاجتماعية تنقسم إلى عدة أنواع، ولكن التقسيم الذي نحن بصدده والخاص بدراسة التربية كمؤسسة اجتماعية، يرى أن المؤسسات الاجتماعية نوعان: مؤسسات اجتماعية أساسية وتعتبر ضرورية للنظام الاجتماعي مثل الأسرة، المسجد، المدرسة، الدولة، أما المؤسسات الاجتماعية الثانوية فهي ذلك النوع الذي لا يعتبر ضرورياً لبقاء النظام الاجتماعي كما في الأنشطة الترويحية ().
إن اهتمام هذه الدراسة ليس باعتبارها معدة في مجال علم الاجتماع التربوي، بل باعتباره تزيد من معرفتنا بالعلاقة بين العوامل والوظائف الاجتماعية للتربية في المجال المدرسي، فتأثير الجوانب الاجتماعية والثقافية على المحيط المدرسي أمر غاية في الأهمية، خصوصاً في عالمنا اليوم، الأمر الذي يتطلب من المجتمع ككيان عملاً اجتماعياً كبيراً، منطلقين من أهم التساؤلات النظرية الآتية:
1. ما وظائف المؤسسات الاجتماعية؟ والمؤسسة الاجتماعية المدرسية؟.
2. ما مظاهر العلاقة بين المدرسة والمؤسسات الاجتماعية الاخرى؟.
3. ما أهم الحاجات التكوينية اللازمة للتنظيم الاجتماعي المدرسي وأهم مشكلاته؟.
أما فيما يتعلق بأهداف الدراسة فهى:
1. بيان وظائف المؤسسات الاجتماعية.
2. الكشف عن فلسفة العلاقة بين المدرسة والمؤسسات الاجتماعية الاخرى.
3. تحديد الحاجات التكوينية للتنظيم الاجتماعي المدرسي وأهم مشكلاته.
منهجية الدراسة:
إعتمدت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي الذي يقوم على التسلسل الفكري، من خلال الوقوف على أهم الوظائف الاجتماعية للتنظيم الاجتماعي المدرسي باعتبار المدرسة مؤسسة اجتماعية وتربوية صغرى ضمن المجتمع الأكبر، والذى يقوم بعملية التربية والتأهيل ودمج النشئ في المجتمع لتكييفهم معه، فالمدرسة حسب (إميل دوركايم) ذات وظيفة سوسيولوجية وتربوية هامة، وهي فضاء يقوم بالرعاية والتربية والتنشئة الاجتماعية.
وظائف المؤسسات الاجتماعية:
عندما نحاول تجذير المفاهيم النظرية للفلسفة الاجتماعية لوظائف المؤسسات الاجتماعية، نجد أنها تقوم بوظائف مختلفة في المجتمع، ونستطيع أن نحدد أبرزها بما يلي:
1. تيسر المؤسسات الاجتماعية العمل بالنسبة للفرد، أي أنها تنظم عدداً من المظاهر السلوكية في نمط واحد متكامل، وفي حدود هذه المظاهر السلوكية المختلفة التي تكون كلاً معقداً ينتقل الفرد من خلالها من مستوى إلى آخر متجهاً إلى هدف يتطلع إلى تحقيقه، وهذا الكل المعقد يتكون من عناصر ثقافية كثيرة معقدة تكون رغم ذلك كلاً متكاملاً يقوم بوظيفته عادة بطريقة آلية ليواجه مختلف الأخطار بكل سهولة وسرعة.
2. تعمل المؤسسات الاجتماعية كوسيلة للسيطرة الاجتماعية، وهي نوعان هما:
أ‌. سيطرة شكلية.
ب‌. سيطرة غير شكلية.
فالسيطرة الشكلية، تقوم المؤسسات الاجتماعية بوظيفتها من خلال اللوائح والقوانين التي يتطلب تنفيذها إجراء خاص بالقضاء والشرطة، فالقانون هو الذي يحمي السيطرة الشكلية ويمنع الفرد من القيام بأي عمل مخالف عن طريق الضغط الاجتماعي، والتربية في هذا الإطار تعتبر الوسيلة الوحيدة للانتقال من الأثر القانوني إلى الأثر التربوي، ومن الإطار القانوني إلى الإطار الأخلاقي.
فالأثر التربوي يتحقق بتحول هذه القوانين إلى عوامل أساسية مكونة للشخصية، وبالتالي إلى أنماط سلوكية تشمل حياة الفرد وتضع له أهدافه وتوجهه نحو تحقيقها دون أن يكون هناك صراع قد يؤدي إلى انحرافات سلوكية().
وفيما يتعلق بالسيطرة غير الشكلية هي تلك السيطرة التي تمارسها الأسرة أو المؤسسات الاجتماعية التي تتعلق بالعلاقات الأولية بين الأفراد، فكثير من العادات والتقاليد الأساسية تنتقل بطريقة غير شكلية عن طريق الأسرة، وهذه السيطرة غير الشكلية تمارسها الأسرة بصفة خاصة حيث يحصل الطفل فيها على القيم والعادات عن طريق والديه وتصبح بذلك هذه القيم والعادات جزءاً أساسياً من شخصية الفرد().
وتتضح أهمية الأسرة في تشكيل شخصية الطفل انطلاقاً من المبدأ القائل بازدياد القابلية للتشكيل أو ازدياد المطاوعة كلما كان الكائن صغيراً، وينطبق هذا المبدأ على تشكيل قدرات الطفل السيكولوجية في مختلف المستويات التطورية، وبذلك تتبين أهمية الأسرة السيكولوجية في جانبين أولهما أنها مصدر خبرات الرضا حيث يصل الطفل إلى إشباع معظم حاجاته من خلالها، وثانيهما أنها المظهر الأول للاستقرار والاتصال في الحياة، وبذلك فإن استقرار شخصية الطفل وارتقائه يعتمدان على ما يسود الأسرة من علاقات().
3. تحدد المؤسسات الاجتماعية مركز الفرد والدور الذي يقوم به، فالأفراد يخلقون المؤسسات التي تبقى حتى بعد وفاتهم، وبذلك تتخذ هذه المؤسسات طابعاً دائماً غير محدد بحياة الأفراد، وهذا الدوام والاستقرار النسبي هو أساس السيطرة الاجتماعية، بيد أن هذه المؤسسات قد تصاب بالجمود الذي يعيق حركة الفرد وحريته مما ينتج عنه إحباط لرغباته وآماله، وخاصة بالنسبة للفرد الذي اتصل بعناصر ثقافية جديدة قد غيرت فيه فكره، وبذلك يحاول الثورة عليها فيحطمها أحياناً أو تحطمه أحياناً أخرى().
4. ومن الوظائف الأخرى للمؤسسات الاجتماعية أنها تعمل على انسجام الفرد في الإطار الثقافي العام انسجاماً يؤدي إلى تكيفه وإلى حسن أدائه لأدواره الاجتماعية المختلفة كفرد في مجتمع معين، وقد تقف المؤسسات عقبة في سبيل التغير والتطور إذا تطور الزمن وازداد الجمود().
الوظائف الاجتماعية للمدرسة:
يأتي الاهتمام بالمدرسة من قبل المجتمع لما للتعليم من وظائف تنعكس آثاره على مختلف جوانب الحياة، سواء على المدى القريب أم البعيد متمثلة بما يلي():
1. الوظيفة الاجتماعية:
يساعد التعليم على إكساب الطلاب سلوكاً ينسجم مع متطلبات المجتمع وأبنيته الاجتماعية، لأنه يكسب الفرد المعارف اللازمة لفهم ما يحيط به ويتيح له فرص التغيير المنشود، وهذا يعني أن وظيفة التعليم من خلال المدرسة تسهم في إعداد المواطن الصالح القادر على مواكبة الحياة من خلال تزويده بالمهارات الاجتماعية اللازمة لعملية التفاعل مع بقية أفراد مجتمعه، وقد اتجهت المجتمعات الحديثة للإهتمام بوظيفة المدرسة من مجرد مؤسسة للتعليم إلى مؤسسة تعليمية ذات وظيفة اجتماعية مسايرة لتطورات الحياة الاجتماعية، حيث أصبحت المدرسة توصف بأنها مجتمع صغير وبأنها أحد الأجهزة الاجتماعية يدرب عن طريقه المتعلمين على العمل الجماعي وعلى تحمل المسئولية، حيث يمثلون معنى القانون وفكرة الحق والواجب، فقد أصبحت المدرسة توصف بأنها مؤسسة تنظيمية تقوم على خدمة المجتمع ودراسة البيئة والتعرف عليها والوقوف على مواردها واحتياجاتها، واشتراك الأهالي في تمويل المشروعات وتنفيذها، بحيث تصبح المدرسة المؤسسة الوحيدة التي ترتبط بجميع أفراد البيئة.
2. الوظيفة الثقافية:
تسهم هذه الوظيفة في نقل ثقافة المجتمع من جيل لآخر بما تتضمنه من معايير وقيم واتجاهات، والمدرسة لا تقوم بنقل الثقافة كما هي وإنما تحاول انتقاء العناصر الثقافية الهادفة وتخليص مهماتها من بعض المعوقات التي تنطوي عليها. ويدخل في هذا الإطار الوظيفة التربوية، فالمدرسة تضع دعائم الحياة الاجتماعية للفرد بما توفره من جو اجتماعي يتدرب فيه على الحياة الاجتماعية، فيشعر بأهمية الجماعة ومسؤوليته عنها، ويترتب على ذلك تحلي الفرد بروح التعاون مع أفراد الجماعة، وفي جو الحياة الاجتماعية تستطيع المدرسة أن تزيل كثير من التوتر والانحراف التي تتكون عند الفرد وتقلل من حالات الصراع والإحباط وتعده للاستقلال وتحمل المسؤولية.
3. الوظيفة السياسية:
وتعني أن التعليم وبالتالي المدرسة تسهم في تهيئة الأفراد على تفهم القرارات السياسية التي يتخذها واضعو السياسة في المجتمع وفقاً لأيديولوجيته، والمدرسة تسهم أيضاً في إعداد المواطن المنتمي والقادر على تحمل مسؤولياته تجاه المجتمع من خلال صقل شخصياتهم وتعويدهم على اتخاذ قرارات جزئية في الأوقات الحاسمة، وكل ذلك يعتمد على ما يتوفر في المحيط المدرسي من قادة وإداريون يسهمون في عملية الإعداد العلمي السليم والجيد.
4. الوظيفة الاقتصادية:
فالتعليم وما ينطوي عليه من معارف ومهارات يسهم في إعداد الأيدي العاملة المدربة التي يحتاجها النظام الاقتصادي في المجتمع، ويوفر التعليم المخصصات التي يحتاجها المجتمع من أطباء ومهندسين وإداريون ...الخ، وبناءاً على ذلك يرتبط التعليم بخطط التنمية وإعداد الكوادر التي يحتاجها سوق العمل.
وبالرغم من هذه الوظائف التي تقوم بها المدرسة، فالمتخصصون يتوقعون من المدرسة أهدافاً أخرى تختلف باختلاف تخصصاتهم، وأبرز هذه الأهداف ما يلي():
1. يتوقع المهتمون بالجوانب الاجتماعية أن تؤكد المدرسة لطلابها روح التكافل والتساند الاجتماعي والعمل التعاوني.
2. بينما ينظر المهتمون بالتعليم للمدرسة باعتبارها تجسيد لحق الفرد في التعلم باعتباره أبرز حق إنساني.
3. يؤكد المهتمون بالجوانب الاقتصادية على أهمية التعليم في تزويد المجتمع بالكوادر والمهارات التي يحتاجها في دعم الإنتاج.
4. بينما يتوقع المهتمون بالجوانب الأخلاقية أن تسهم المدرسة في دعم سلوك الأفراد والحدّ من الانحراف.
وقد تزايد الاهتمام بالمدرسة في الآونة الأخيرة نظراً لما يلقى على عاتقها من مسؤوليات من قبل المجتمع، باعتبارها أهم وأبرز المؤسسات الاجتماعية بعد الأسرة، وهذا الأمر تطلب إجراء الكثير من التغييرات التنظيمية عليها وعلى طرق تدريب وإعداد التربويين، وفي طرق التعامل مع بيئة المدرسة()، وكان من أبرز مظاهر الاهتمام خلال القرن العشرين الاهتمام بالطلاب الذين يتخلفون في التحصيل الدراسي، ومع التوسع في التعليم بدأت تظهر الفصول التي تحتوي على أعداد كبيرة من الطلاب مما أتاح الفرصة لعدم وضوح الظروف لبيئة الطلاب واختفاء المتخلفين عن التحصيل عن أعين أساتذتهم، وبالتالي عدم إتاحة الفرص لهم للأخذ بيدهم والتصدي للمشكلات التي يواجهونها.
وقد كان للتقدم العلمي في مختلف ميادين وحقول المعرفة العلمية أثراً على العاملين في المجال المدرسي، فالتقدم الذي حققه علم النفس قد أحرز نتائج جيدة في مجال معرفة الظروف الفردية ومدى إمكانية التعديل أو التأثير على هذه الظروف والاختلافات بين الأفراد وخاصة من النواحي البيولوجية والاستعدادات الموروثة.
وقد حقق علم الاجتماع وخاصة في مجال النظرية نجاحاً في معرفة عوامل الضبط الاجتماعي وتأثيرها على مكونات الشخصية، الأمر الذي انعكس على دور الأخصائي الاجتماعي في مجال عمله بما يمكنه من إجراء التغيرات في البيئة المحيطة خدمة لاحتياجات الأفراد والجماعات، فضلاً عن إمكانية تحقيق التكيف للبيئة المحيطة، وأصبح من المتعارف عليه أن معيار نجاح العملية التعليمية يتمثل في عملية النمو المتحققة للطلاب، ويسمى بكمية المعلومات التي يكتسبونها في المدرسة.()
وكان من النتائج المصاحبة لهذه الوظيفة الجديدة للمدرسة انفتاحها على المجتمع الخارجي والاستفادة من مؤسساته المختلفة وبما يخدم الأهداف التربوية المراد تحقيقها، وأول ما يلفت النظر في هذا الإطار هو أن تكون المدرسة جزءاً من المجتمع تتأثر به وتؤثر فيه، فالمدرسة لا يمكن أن تعيش بمعزل عن المجتمع إذا ما أريد بها النجاح، وقد أحدثت التغيرات المجتمعية المشاركة في المجتمع تغيرات جذرية في مشكلة المدرسة ومضمونها.
الوظائف الاجتماعية للمدرسة الحديثة:
تطورت وظيفة المدرسة كمؤسسة اجتماعية إلى المساهمة في أعمال المجتمع الكبير بعد أن كانت منعزلة عنه، وأتاحت للآباء والأمهات أن يدخلوها ليتشاوروا في مصالح أبنائهم ومصالح المدرسة عن طريق ما يسمى بمجالس الآباء والأمهات، وتقدمت المدرسة وخاصة خلال الحقب الأخيرة بخطوات أوسع لتقوم بدور فعال في خدمة المجتمع. ويمكننا أن نجمل الوظائف المتكاملة للمدرسة الحديثة بما يلي:
1. المحافظة على ثقافة المجتمع، وذلك عن طريق نقل الثقافة إلى الأجيال اللاحقة التي تقوم بدورها بنقلها لغيرها، وتحتاج المحافظة على الثقافة وغيرها لعنصر الاستمرار المنظم.
2. تنقية الثقافة وتجديدها بحيث تعمل المدرسة على تطهير التراث الثقافي من الشوائب والأخطاء التي تكون قد علقت به في تاريخه الطويل، هذا التطهير الذي يؤدي إلى أن تقوم المدرسة بالعملية التعليمية على أساس واضح، وتوجه تلاميذها توجيهاً سليماً، ولقد حدث في تراثنا الثقافي العربي مثل هذه المغالطات والأخطاء التي أمكن التغلب عليها واستبدالها بأسس صحيحة وسليمة.
المدرسة هي المسئولة عن اتصال واستمرار ثقافة المجتمعات باعتبارها المؤسسة التي أوكل إليها المجتمع مسئولية تنشئة الأجيال القادمة، ونقل جميع ما اكتسبته هذه المجتمعات من معارف وخبرات، ولما كانت ثقافة المجتمع تتغير بمعدل متزايد باستمرار، لذا فإن الثقافة القائمة من قيم وعادات واتجاهات وأفكار ومعارف ستتغير في المستقبل نتيجة عمليات الإضافة والتغيير، والتربية باعتبارها تهدف إلى تنمية وتحسين الصورة المستقبلية للمجتمع فإن المدرسة تركز على فرز عناصر الثقافة وإكساب الأجيال القادمة العناصر الثقافية المرغوب فيها.()
3. تبسيط الثقافة بشكل يتناسب مع مراحل نمو التلميذ المختلفة، فالتربية الحديثة ترى أن التراث الثقافي ليس غاية إنما وسيلة، وأن الهدف من العملية التربوية هو النمو المتكامل للفرد حسب ما تؤهله له استعداداته وقدراته، ومن بين تلك الوسائل لتحقيق ذلك التراث الثقافي الذي يجب أن ينظم سيكولوجياً لكي يناسب مراحل النمو المختلفة، وهذا ما يتعارض مع النظرية التربوية القديمة التي ترى أن التراث الثقافي نظراً لأهميته يجب أن ينقل إلى التلميذ دون تعديل في محتواه أو في طريقة نقله، الأمر الذي يجعل من هذه العملية وسيلة تفرض على التلميذ دون الأخذ في الاعتبار استعداده وقدراته. لذا فإن من أهم وظائف المدرسة هو تبسيط الخبرات التي تقدم للتلميذ في المدرسة وتجزئة مكوناتها المختلفة ثم ترتيب الخبرات ترتيباً متدرجاً مع مراحل نمو التلميذ، أي تحليل الخبرات الإنسانية إلى أبسط عناصرها لتصبح قابلة للتعلم بما يؤدي في النهاية إلى توسيع مدارك الأطفال وزيادة قدراتهم على التفكير وحل المشكلات التي تصادفهم في المجتمع الخارجي.()
4. تحقيق التماسك الاجتماعي، فالمدرسة هي نقطة الالتقاء لعدد كبير من العلاقات الاجتماعية المتداخلة المعقدة، وهذه العلاقات الاجتماعية هي المسالك التي يتخذها التفاعل الاجتماعي والقنوات التي يجري فيها التأثير الاجتماعي، وهذا التأثير الذي تمارسه المدرسة هو نتيجة تأثير كل من المدرسين والتلاميذ على الفرد وشخصيته، وبما يحقق التماسك والتعاون خدمة للمصلحة العامة.
5. خلق مواطنين اجتماعيين وقادرين على التفكير السليم والعمل والإنتاج والمشاركة في بناء المجتمع وتقدمه، ويتم ذلك عن طريق تنمية القدرات وإيجاد نوع من التفاعل الذي يمكنه الأفراد من العيش السليم في المجتمع، فالمدرسة تتميز بنوع من الشعور الجماعي للأفراد اللذين يرتبطون بها خلال مراحل نموهم، ويتم ذلك عن طريق التفاعل مع الجماعات واكتساب الصفات الاجتماعية الجيدة.()
6. تكامل الشخصية: فالشخصية المتكاملة لا يمكن النظر إليها بمنأى عن البيئة التي يعيش فيها الفرد، حيث أن التكوين المتكامل للشخصية هو هدف التربية التي تعد الفرد للحياة في مجتمع يحتاج إلى شخصيات متكاملة داخل الإطار الاجتماعي، والمدرسة باعتبارها مؤسسة تربوية تهدف إلى إنتاج الشخصيات التي تعكس خصائص المجتمع يقع على عاتقها وظيفة بناء وتكامل الشخصية الإنسانية.()
7. الإصلاح الاجتماعي: تستفيد الجماعات والأفراد من المدرسة بوصفها عاملاً فعالاً في تنفيذ الثغيرات المرغوبة في البناء الاجتماعي، ومن هنا تصبح المدرسة بحكم دورها في عملية التنشئة الاجتماعية وأهميتها بوصفها نظاماً حيوياً في حياة الأفراد مركز اهتمام المعلم الاجتماعي، سواء كان اهتمامه متجهاً إلى تخفيض عدد الجرائم أو تحسين المركز الاجتماعي للأشخاص أو الحد من الزيادة السكانية، وللمدرسة دور آخر يتمثل في تشجيع أنواع أخرى من التغيرات المرغوبة في المجتمع.()
8. إعداد القوى البشرية القادرة على الإنتاج: حيث تتركز أهمية العنصر البشري في إسهامه في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومن هنا ظهرت أهمية المدرسة كمؤسسة لإمداد المجتمع بالقوى العاملة، والمدرسة تقوم بترجمة احتياجات المجتمع إلى برامج دراسية تساهم في الإعداد السليم للأفراد حتى يصبحوا وحدات إنتاجية صالحة في المجتمع.()
9. إعداد التغير الثقافي الملائم للغة العصر: قد تتوفر لكثير من المجتمعات النامية كل عناصر الإنتاج إلا أنها قد تفشل في معايشة عصرها والتوصل إلى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المطلوبة، وقد يرجع ذلك إلى وجود كثير من العادات والتقاليد والقيم وأنماط التفكير المعوقة لهذه التنميـة.()
ولكي يحقق المجتمع المدرسي وظيفته الاجتماعية لابد وأن تتبع واجباته كي تتضمن المسؤوليات التالية:
أ. مسؤوليات اجتماعية داخل بيئة المدرسة نفسها بجانب مسؤولياتها التقليدية نحو تعليم وتربية أبنائها، ومن هذه المسؤوليات الجديدة تنظيم العلاقات الإنسانية التي يجب أن تسود بين أعضاء هيئة التدريس أنفسهم، وكذلك بين أعضاء هيئة التدريس والطلاب.
ب. مسؤوليات خارج المدرسة وتتناول المجتمع المحلي المحيط بالمدرسة، وتقوم المدرسة في هذا الإطار بوظائف اجتماعية خارج حدودها، وبذلك تتيح للبيئة المحلية الاستفادة الكاملة من إمكانياتها ثقافياً ترويحياً ..الخ، وبذلك تحول المدرسة إلى مؤسسة لها وظائفها الاجتماعية إلى جانب وظائفها التعليمية والتربوية.
ج. مسؤولية تأييد ومؤازرة المجتمع بجميع مؤسساته وإمكانياته وموارده البشرية والمادية بقصد تعاونها مع المدرسة في تحقيق وظيفتها الاجتماعية.()
والمدرسة الحديثة يمكنها بحكم أوضاعها وإمكانياتها تحقيق هذه المسؤوليات لأسباب متعددة أبرزها:
أ. أن المدرسة متخصصة في التربية والتعليم وعملها في المجتمع يجب أن يكون امتداداً لتخصصها.
ب. إن إمكانيات المدرسة ميسرة ومن السهل استخدامها والوصول إليها من قبل أبناء المجتمع لمزاولة أنشطتهم الترويجية والتعليمية فيها، وذلك بحكم موقعها الذي يتوسط المناطق المأصولة بالسكان.
ت. طبيعة عمل المدرسة نفسها وإمكانياتها المتوفرة تسمح لأفراد المجتمع مزاولة أنشطتهم فيها وخاصة خلال العطلة الصيفية أو الأسبوعية أو خلال الإجازات والأعياد الرسمية وحتى خلال أيام العمل الأسبوعي، لأن أغلب المدارس لا تعمل أكثر من ثمانية ساعات يومياً.
ث. تعتبر المدرسة في أغلب البلدان النامية من أكثر المؤسسات الاجتماعية الأخرى توفيراً لبرامج تعليم الكبار ومزاولة تنظيم أوقات الفراغ والأنشطة الترويحية الأخرى.
ج. للمدرسة هيئة تدريس وفنيين ممن لهم دراية بشئون التربية والتعليم والترويح، وهذا يساعد المجتمع على الاستفادة من المؤسسات التعليمية ويوفر كثيراً من الجهود والأموال لإيجاد مثل هؤلاء القادة للقيام بالخدمات المطلوبة للنهوض بالمجتمع.
ح. أن امتداد وظائف المدرسة إلى خارجها في المجتمع يساعد على تحقيق أهدافها بالنسبة للطلاب، لأن الطالب يعيش معظم وقته خارج مدرسته أي في المجتمع، فإذا صلح المجتمع الخارجي وأصبح أعضائه على درجة من الثقافة والعلم والمواطنة، ساعد تلك المؤسسة على تحقيق أهدافها.
خ. أن قيام المدرسة بخدمة المجتمع قد يتيح للطلاب فرصة المساهمة في وظائف المدرسة نحو المجتمع، وبذلك تتاح فرص أخرى لإعداد الطلاب إعداداً صالحاً وتزويدهم بخبرات نافعة لها أثرها في مستقبل حياتهم وفي تقدم المجتمع.()
مظاهر العلاقة بين المدرسة والمؤسسات المجتمعية:
1. المدرسة والمجتمع:
أصبحت المدرسة في الوقت الماضي ونتيجة لتطور وظيفتها مراكز تقديم خدمات للمجتمع، فاتصال المدرسة بالمجتمع من خلال علاقتها الجديدة به تستهدف رفع المستوى الاجتماعي والثقافي للمواطنين جميعاً وتغيير فكرتهم عنها، ويتم ذلك عن طريق استغلال مواردها وإمكانياتها سواءً المتمثلة بتوفر عناصرها القيادية أو ما يتوفر فيها من قاعات وملاعب ومكاتب للاجتماعات وممارسة مختلف النشاطات. إن أبرز ما يميز العصر الحديث تسرب مظاهر الحياة فيه إلى المناهج الدراسية، وكان الاهتمام بالحوادث والتطورات الحديثة نقطة البداية، وتوجد في الوقت الحاضر البرامج التي تعتمد على المجتمع، والتي يحصل من خلالها التلاميذ على معلوماتهم المختلفة عن المجتمع وبقية مظاهر الحياة فيه، وتشارك المدرسة شئون المجتمع من خلالها معلميها وتلامذتها كالإسهام في البرامج الثقافية والترفيهية والحملات الخاصة بمشروعات التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وتعتمد الدولة في بناء الاتجاهات الديمقراطية وغرس الشعور بالانتماء على تشجيع التلاميذ للمساهمة بجهودهم في مختلف المشروعات حتى ينمو إحساسهم بالمسئولية الاجتماعية واكتساب الخبرات العملية والتعرف على احتياجات المجتمع ومشكلاته().
2. المدرسة وبقية المؤسسات الاجتماعية:
المدرسة لا يمكن أن تعمل بمعزل عن بقية المؤسسات في المجتمع وهذا يتطلب قيام نوع من التعاون والتنسيق مع المؤسسات القائمة، وبما يترجم اندماجها في الحياة العامة والخروج من عزلتها. لقد كانت المدارس في السابق تعمل إلى جانب المؤسسات الاجتماعية ولكن دون أن تقوم بينها علاقات مباشرة، ولم يكن بمقدور المدرس أن يتحمل مسئولية مساعدة الطلاب الذين يواجهون مشكلات ترجع إلى أسباب خارج المدرسة، بيد أنّ المدرسة في الوقت الحاضر تستطيع تقديم خدماتها بالاعتماد على ما يتوفر في المجتمع من موارد وإمكانيات تتيحها المؤسسات القائمة فيه، ولا تقل مسئولية المدرسة نحو الصحة الجسمية والنفسية للطلاب عنه مسئوليتها في التربية والتنشئة الاجتماعية، إذ بإمكان الأخصائي الاجتماعي المدرسي أن يستعين في ذلك بالمستشفيات والعيادات النفسية ومكاتب الخدمة الاجتماعية وبقية مؤسسات المجتمع لتقديم الدعم والمساعدة اللازمة للطلاب.
3. انفتاح المحيط المدرسي:
يسود المحيط المدرسي في الوقت الحاضر علاقات جيدة بين جميع العاملين وتحدده مجموعة من القواعد والتعليمات التي تتحكم في هذه العلاقات، كما يسود هذا المحيط الإيمان بمبدأ تكافؤ الفرص والجو الديمقراطي لجميع أفراده وبما يكفل لكل فرد النمو الشخصي والاجتماعي. وتقوم هذه العلاقات السائدة في المحيط المدرسي على الإيمان بقيمة الإنسان واحترام كرامته باعتباره عضو في مجتمع له شخصيته المتميزة وله قدرته على التفكير بما يؤصله من اتخاذ القرارات بنفسه. وقد أصبحت المدرسة نتيجة لتطور وظيفتها مركز لخدمة المجتمع تفتح أبوابها لاستقبال أهالي المنطقة لممارسة نشاطاتهم المتنوعة في مختلف نواحي الحياة الاجتماعية والثقافية والفنية والرياضية، وقد ساعد على التفاعل بين المدرسة والمجتمع إلى تقديم مختلف الخدمات للبيئة المحيطة عبر تقديم التسهيلات والإمكانيات سواء المادية منها والمتمثلة بالقاعات والملاعب والأدوات، أو المعنوية المتمثلة بالعناصر القيادية الصالحة().
4. المناهج الدراسية والمجتمع:
البرامج الدراسية الناجحة لا يمكن أن تكون بمعزل عن ما يجري في المحيط من تغيرات وأحداث، فالطلاب في مراحل حياتهم الدراسية الأولى يحصلون على معلوماتهم المختلفة من المجتمع ومن خبراتهم المكتسبة من محيطهم العام، وهكذا بدأت تتسرب مظاهر الحياة الحديثة بإيجابياتها وسلبياتها إلى المناهج الدراسية بعد أن كانت تعيش في عزلة عن تطور المجتمع وتقدمه، وكان الاهتمام بما يجري في المحيط من أحداث وعمليات نقطة البداية في هذا الشأن، وتشارك المدرسة في الوقت الحاضر في العديد من نشاطات المجتمع كالعمل التطوعي والنشاط المدني ومشروعات الخدمة العامة حتى تتمكن من تنمية الشعور بالمسئولية واكتساب الخبرة العملية والتعرف على احتياجات ومشكلات المجتمع، وهكذا فإنّ الوعي بأهمية العلاقات المتبادلة بين المدرسة والمجتمع يُحدد نوع التفاعل الذي يجب أن يكون من أجل خلق مجتمع يسوده التعاون والتكافل والتساند تكون المدرسة فيه المؤسسة المسئولة عن غرس القيم وإيجاد أساليب التنشئة الصحيحة، ويعتبر الأخصائي الاجتماعي من أكثر العاملين في المحيط المدرسي احتياجاً لتفهم طبيعة المجتمع الذي يعمل فيه، فالمدرسة جزء من المجتمع وإحدى مؤسساته ويأتي طلبته من هذا المجتمع وهم أبناء أسر المجتمع، ولاشكّ فإن لكل مجتمع محلي ثقافته الخاصة به، وبهذا تختلف ثقافة الطلاب من مجتمع لآخر، وتختلف بين الريف والمدينة.
المشكلات السائدة في المحيط المدرسي:
هناك الكثير من المشكلات التي تبرز في محيط الدراسة لدرجة يصعب معها تحديد طبيعة تلك المشكلات ونوعيتها والأسباب الكامنة ورائها، ولكن سنتناول في هذه الدراسة، أبرز المشكلات التي يتعامل معها الأخصائي الاجتماعي وتحول دون تكيف الطلاب مع بيئتهم المدرسية وتؤثر بالتالي على تحصيلهم الدراسي، ومن أبرز المشكلات السائدة في أدبيات الخدمة الاجتماعية ما يلي:
1. مشكلة التخلف الدراسي:
يعتبر التحصيل العلمي للطلاب من أهم وظائف المدرسة، وفي ضوء هذه الحقيقة تعتبر مشكلة الرسوب أو الرسوب المتكرر من أهم المشكلات الدراسية شيوعاً، وهذه المشكلة تشغل التلاميذ أنفسهم وأولياء أمورهم والمعلمون على حدٍ سواء، وينتج ذلك الفشل غالباً من مطالبة الطالب بالعمل بشكل يفوق قدرته أو توجيهه لفرع من الفروع التي لا تنسجم ورغبته، وقد ينتج التخلف الدراسي من ضعف الطالب العقلي الذي غالباً ما يدفعه إلى الشعور بالنقص وينعكس على قدرته في العمل لوقوعه في صراعات داخلية تعوقه عند تنظيم عقله، وهناك عوامل تؤدي إلى التخلف الدراسي كالمرض والمواقف الانفعالية التي تؤثر في العمليات العقلية، وغالباً ما تكون ردود فعل الطالب سلبية وينتج عنها الفشل وترك المدرسة، ولهذا يتطلب الأمر من الأخصائي الاجتماعي بذل الجهد والإلمام بالجوانب العقلية والنفسية والجسدية وعوامل البيئة المحيطة.
2. الهروب من المدرسة:
مشكلة الهروب والتسرب من المدرسة كغيرها من أنواع السلوك المنحرف تحتاج لنوع من الدراسة والعلاج، وتحال مثل هذه الحالات للأخصائي الاجتماعي الذي يقوم بمراجعة قوائم الغياب لمعرفة الحالات والأسباب الكامنة وراء الهروب، وبالتالي تقديم المساعدة اللازمة أو إحالة بعضها لمؤسسات أخرى، وقد تكون الأسباب الكامنة وراء الغياب فشل الطالب في دراسته أو عدم ملائمة البرامج لحاجات الطالب، وتعتبر هذه الظاهرة أكثر انتشاراً في التعلم الثانوي، الأمر الذي يتطلب معرفة الأسباب الكامنة وراء هذا السلوك، وتلعب العبارات النفسية دوراً هاماً في مساعدة الأطفال الذين يعانون من صراعات نفسية كالخوف والقلق والاضطرابات التي تدفعهم إلى عدم المواظبة، ولا ينبغي أن نغفل أثر التكوين البيولوجي للطالب وتاريخه الاجتماعي والسيكولوجي في سوء التكيف في المدرسة أو في المجتمع، وتشير الدراسات في هذا المجال أن الطلاب من ذوي القدرات العالية أقدر على التكيف من الطلبة ذوي القدرات المنخفضة ()، وعموماً يستطيع الأخصائي الاجتماعي عن طريق الدراسة الدقيقة أن يقدم الدعم اللازم لهؤلاء ومساعدتهم في الحصول على التقدير اللازم لهم.
3. المشكلات النفسية الانفعالية:
وهي أعراض ومظاهر للسلوك الشاذ وغير الاجتماعي وتتصل ببعض الأمراض النفسية يعبر من خلالها الفرد عن حالة الصراع بين الرغبات الغريزية الصادرة عن اللاشعور والمعايير الأخلاقية، وقد تكون بعض العوامل الاجتماعية من أسبابها الرئيسية كما في حالة السرقة وبعض أنواع السلوك الشاذ، فالفرد الذي لا يستطيع أن يحصل على تقدير زملائه عن طريق اللعب والعمل أو بعض أنواع النشاط الأخرى يلجأ إلى الوسائل غير المشروعة للحصول على التقدير، وقد تكون بعض أنواع السلوك غير الاجتماعي تعبيراً لا شعورياً ضد المعاملة السيئة والصارمة من قبل أولياء الأمور، ويدخل في هذا الإطار المشكلات السلوكية المرتبطة بالخروج عن القيم العامة أو سوء العلاقات بين الطالب وزملائه أو أعضاء هيئة التدريس، إضافة إلى مظاهر الانحراف في السلوك، وهناك العديد من المظاهر السلوكية المرتبطة باضطراب البيئة الخارجية المتمثلة بالأسرة والمدرسة والمجتمع بشكل عام. فقسوة الأب تدفع الفرد أحياناً إلى الانطواء والخجل وعدم القدرة على تحمل المسؤولية، وكذلك الحال بالبيئة لقسوة الأم لتي تدفع للسلوك العدواني والانحراف، وغالباً ما تنتهي كراهية الأب إلى كل من يمثل الأب من معلمين أو ذوي سلطة تقف بوجه تحقيق الرغبات، وكل هذه الأمور تفسد الانسجام بين الطالب وأقرانه في المدرسة.
4. المشكلات الاقتصادية:
يقصد بالمشكلات الاقتصادية الجوانب المادية التي تؤثر على المجال المدرسي كعدم القدرة على تلبية متطلبات الطالب من مصروفات أو ما يكفي حاجته للظهور بالمظهر اللائق والأمر الذي ينتج عنه بعض أنواع الحرمان التي تؤثر على سلوك الطالب وقدرته على التكيف داخل محيط المدرسة. ومن المشكلات الأخرى التي تسود في محيط المدرسة ما ينجم عن المدرسة نفسها من علاقات وتفاعلات، فالمدرسة قد تكون عاملاً مساعداً للانحراف يتمثل في ثلاثة جوانب وهي:
أ. علاقة الطالب بالأستاذ:
فالعلاقة بين الطالب وأستاذه قد تسوء بسبب عدم إلمام الأستاذ بخصائص الطلبة النفسية والعقلية والجسمية والاجتماعية في مختلف مراحل نموهم، ويرجع ذلك أحياناً إلى ما يقع على الأستاذ من عبء وإرهاق في العمل، وسوء العلاقة هذا ينعكس على علاقة الطالب بالمدرسة وكل العاملين بها مما يدفع الطالب إلى الكذب والهروب أحياناً أو الفشل الدراسي، ويعتبر ذلك عاملاً من عوامل الانحراف.
ب. علاقة الطالب بزملائه:
غالباً ما تسفر علاقات الطالب ببقية زملائه عن سلوك عدواني نتيجة لانخفاض مستواه التعليمي أو لظروفه الاجتماعية والاقتصادية أو لوجود تشويه جسمي أو حسي، والسلوك العدواني للطالب في هذه الحالة يعتبر تعويضي ويتخذ عدة مظاهر منها الكذب والسرقة والهروب من المدرسة وهذا يشكل بداية السلوك المنحرف.
ج. الطالب والمناهج الدراسية:
المناهج الدراسية لمختلف مراحل التعليم وخاصة الأولى منها لابد وأن تلائم موضوعاتها اهتمامات الطلبة ومستويات الذكاء، وتعمل هذه الموضوعات على ربط الطالب بالمدرسة بما تتضمنه من عناصر جذب وتشويق وبما ينعكس على فائدته من العملية التعليمية، ويجب أن يشرف على وضع هذه المناهج وتقييمها رجال متخصصين بما يجعلها تلبي متطلبات العصر وتواكب التغير الذي يشهده المجتمع، أما إذا حاولت هذه المناهج أن تتجاهل حاجات الطلاب في كل مرحلة تعليمية فإن ذلك سينعكس على علاقة الطالب بالمدرسة بشكل عام ويدفعه للهروب وبالتالي الانحراف.
د. وقت الفراغ:
تلبي المدرسة حاجات الطالب للترويح أو الترفيه عبر مختلف البرامج والخدمات التي تتوفر فيها من أندية ونشاطات تلرفيهية ورياضية، وحاجة الطالب لهذه الأنشطة حاجة ملحة وضرورية لتكوينه الجسمي والاجتماعي والنفسي، وعدم توفر هذه الخدمات في المدرسة يدفع الطالب للبحث عن وسائل بديلة يتعرض من خلالها للاختلاط بالأحداث المعرضة للانحراف وممارسة مختلف أنواع السلوك المنحرف.
الحاجات الاجتماعية في المدرسة:
لاشك أن المدرسة بيئة صناعية أفرزتها عملية التطور الاجتماعي لتساعد الأسرة في إعداد الفرد للحياة العامة، ولذلك تتحدد علاقة الفرد بمدرسته بنظرته إلى التعليم بشكل عام، وبنوع المعاملة التي يلقاها في المدرسة من قبل أعضاء هيئة التدريس والتلاميذ الآخرين، إضافة إلى البرامج المدرسية والجو الاجتماعي الذي يسود المدرسة، ويتوقف إقباله على المدرسة أو نفوره منها بمدى إشباعها لحاجاته الأساسية.()، وتتحدد هذه الحاجات بما يلي:
1. الحاجة إلى التعبير عن النفس:
تعتبر هذه الحاجة من أول الحاجات بحيث يستطيع الطفل أن يكشف عن قدراته وميوله ويتعرف على أحسن الوسائل لتنميتها وبما يمكنه أن يسهم في تقدم المجتمع الذي يعيش فيه، وإشباع هذه الحاجة لدى الطفل يتم بتوفير فرص العمل الابتكاري من أشغال يدوية وفنون وموسيقى وكتابة وتمثيل، وكذلك عن طريق تنظيم جماعات الميول المشتركة والهوايات والاشتراك في النوادي.
2. الحاجة إلى الأمن والطمأنينة:
إن شعور الطفل بالاطمئنان يدفعه إلى الشعور بأنه مرغوب فيه وأن حياته ثابتة لا يشوبها القلق والاضطراب، ويتحقق شعور الأطفال بالأمن في المدرسة عن طريق العلاقة بينهم وبين معلميهم، فموقف المعلم من تلاميذه هو موقف الموجه والمرشد والناجح لا موقف المسيطر المستبد، ويتحقق الشعور بالأمن لدى الأطفال عن طريق التفاهم والتعاون بين الآباء والمعلمين، فالطفل يحتاج أن يشعر بأن المدرسة امتداد للمنزل، وأن الآباء المعلمون في تفاهم تام من أجله. ويمكن للمدرسة أن تدعم هذه العلاقات بتوفير النشاط الذي يشترك فيه الآباء والمعلمين، فالحياة الاجتماعية السليمة ضرورية للآباء حتى يستطيعوا توفيرها للأطفال، وهي جزء من وظيفة المدرسة، وإذا كان أمن الطفل يعني التكيف للحياة العامة، فإن هذا الأمن يتوقف على ما توفره كل من الأسرة والمدرسة من علاقات وتعاون.
3. حاجة الطفل إلى التوافق الاجتماعي:
وترتبط هذه الحاجة بالأمن والطمأنينة، فالأطفال لا يشعرون بالأمن إلا بالانتماء إلى جماعة كما في الأسرة والرفاق أو جماعة الفصل، وتستطيع المدرسة أن تضع دعائم الحياة الاجتماعية للفرد بما توفره من جو اجتماعي يتدرب فيه الطفل على الحياة الاجتماعية، والمدرسة بذلك يمكنها أن تزيل الكثير من التوتر والانحراف وتقلل من حالات الصراع والإحباط وتعد الطفل للاستقلال النفسي وتحمل المسئولية، وتزوده بالخبرة والمهارة التي لا تستطيع الأسرة بحكم تكوينها المحدود أن توفره له. ()
وهكذا أصبحت المدرسة الحديثة المؤسسة الاجتماعية التي تشترك مع البيت والمجتمع والمؤسسة الدينية في تحمل مسئوليات التنشئة الاجتماعية للأفراد وإعدادهم لمواجهة الحياة، وتهتم المدرسة اليوم بالتكيف الشخصي والاجتماعي للتلميذ قدر اهتمامها بنجاحه وتحصيله الدراسية، لذلك كان واجب المدرسة الحديثة تنمية جوانب شخصيات التلاميذ نمواً متكاملاً في الجوانب الجسمية والفعلية والاجتماعية والروحية.()
4. الجو الاجتماعي في المدرسة:
المقصود بالجو الاجتماعي العلاقات المختلفة القائمة بين أفراد المجتمع المدرسي، والقواعد والتعليمات التي تتحكم في هذه العلاقات، وهذا الجو الذي يسود المدرسة قديماً يقوم على القمع والإرهاب وذلك بالضغط المستمر على التلاميذ وعدم الاهتمام باحتياجاتهم الأخرى وإهمال ميولهم، الأمر الذي يؤدي إلى مختلف أنواع الانحرافات. ويسود المدرسة في عالم اليوم جو ديمقراطي يقوم على الإيمان بقيمة الفرد باعتباره إنسان له قيمته واحترامه في المجتمع وله شخصيته المتميزة وله قدرته على التفكير والابتكار بدرجات وأشكال متفاوتة، الأمر الذي يؤهله لاتخاذ قراراته بنفسه والإسهام في تحديد أهداف الجماعة وتنفيذها()، وهكذا فإن التفاعل القائم بين كل من المدرسة والمجتمع يحدد بطبيعته العلاقة التي يجب التي تسير عليها المدرسة في خلق مجتمع تعاوني تكون المدرسة فيه مختبراً للتربية السليمة التي تهدف إليها العملية التربوية والتعليمية. لقد كانت التربية في السابق لا تهتم بالعلاقة بين الفرد وبيئته التي يعيش فيها ولا تعنى إلا بتكوين عقله وفكره، بيد أن الدراسات الحديثة في مجال علم النفس والاجتماع بنظرياته المختلفة تؤكد أهمية النظرة المتكاملة إلى الفرد باعتباره وحدة جسمية نفسية تتفاعل داخل المحيط الاجتماعي، كما وأثبتت نظريات الدوافع المقومات الأساسية لتشكيل شخصية الطفل وأهمية السنوات الأولى في حياته لأنها تحدد سلوكه وتضع الخطوط الأساسية في أسلوب حياته المستقبلية.
الخاتمة:
تتجسد أهمية التنظيم المدرسي في حياة الطفل من خلال الكثير من العمليات العقلية والوجدانية إضافة إلى السلوك الانفعالي، كل هذه المسائل تنشأ مع الطفل في بيئته الأسرية والمدرسية اللذان يلازمانه طيلة حياته، ولاشك فإن الأسر تختلف فيما بينها من حيث الفرص التي توفرها لنمو ابنائها ومن حيث ما استخدمه من أساليب في ضبط سلوكهم وتوجيهه، فالأسر التي نال أفرادها قسطاً من التعليم تتبع الأساليب لضبط سلوك الأبناء وتوجيههم، بينما الأطفال الذين ينتمون إلى أسر يسودها جو الشقاق والخلاف، يتصفون بميلهم إلى المشاجرة والعصيان وحدة الانفعالات، فيما يتصف الأطفال الذين تتاح لهم فرص تحمل المسئولية بعلاقات التعاون والاعتماد على النفس، والقدرة على الابتكار إضافة إلى حب الآخرين لهم، وتفيد الدراسات الاجتماعية بأن الأسرة التي يميل أفرادها إلى القراءة وتداول الصحف والمجلات ويحتفظون بها في بيوتهم، ويشترون الكتب لأبنائهم، يتفوق أطفالهم في القراءة على أطفال يأتون في أسر لا يجيد أفرادها القراءة والكتابة، وبالمثل تؤثر الظروف الاقتصادية على مستقبل الطفل، فالأطفال الذين يولدون في

اتصل ألان